الثقافية

مسيرة الشعر للعام 2019م

الشعر والشاعرية مفردتان يتعاطاهما المشهد الأدبي والثقافي في بلادنا بشكل يومي، ذلك أن الشعر هو ديوان العرب، ولغتهم المصطفاة، هو الروح الإنسانية التي فيها تتخلق القيم وتستنير الأفئدة، وتتنامى المعارف الأدبية.

الشعر عارض من وادي “عبقر” لا يستكنه كنهه، ولا تدرك ماهيته. إنه خاطر يبث الرؤى والأفكار والحروف، فتسكن الأبجدية الشعرية قلب وفؤاد المبدع/ الشاعر ثم ماتلبث أن تتحول كياناً شعرياً مكتوباً له إيقاعه ووزنه وقوافيه، له موسيقاه الداخلية والخارجية، وله مريدوه وقارئوه وناقدوه.

الشعر يضيف للقارئ وللشاعر في نفس الآن صفاء الروح وبلاغة المفردات، والحس الصادق، ومجموعة كبيرة من المريدين الغاوين الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.

وفي عامنا المنصرم أفرزت لنا المكتبة الشعرية، العديد من الإصدارات الأدبية الشعرية الرائعة على مستوى النشر المحلي والإقليمي.

فبعد محادثة قصيرة مع الراصد الببليوجرافي الأستاذ القاص و الأديب خالد اليوسف الذي ننتظر دراسته الحولية عن المنجز الأدبي السعودي. أشار إلى أن الشعر هذا العام سجل حضوراً مائزاً وبارزاً على مستوى الشعر الإبداعي والأدبي بعامة، فقد بلغت الدواوين الشعرية حوالي (103) إصداراً ما بين الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وقصيدة النثر، والشعر المترجم (10) إصدارات ، والشعر الجماعي إصدار واحد . والجميل حقاً أن تتسيد قصيدة النثر هذا الكم الإبداعي. وبمقارنة مع حصيلة الأعوام السابقة فإن النص الشعري المطبوع والمنشور لهذا الموسم يظل متقدماً وغالباً.

ولعل الذي أبرز قصيدة النثر في هذا الموسم هو التنامي الشعري والصراع مع الأجناس الشعرية التقليدية، وظهور جيل شاب يكتب القصيدة الحديثة/ النثرية.

ولعلّ قصيدة النثر المولودة من رحم التجربة الغربية كان لها حضوراً متقدماً عبر التراث وتجد مرجعيتها في التراث الشعري وهذا يدعونا لمقاربتها والتواصل معها وقبولها وممارستها مما جعل شبابنا الشعري يميل إليها والتعاطي معها.

قصيدة النثر في تعريفي الخاص بها هي “نص أدبي منثور فيه شعرية مفرداتية وشاعرية منتقاة، تنقل القارئ من النثر إلى الشعر في تراتبية ومعقولية، ولكن المشكل الذي تصادفه قصيدة النثر هي مجانيتها ولا وظيفتها حيث تحفر عميفاً في الكونية والإنسانية بعيدة عن الهم المجتمعي وهذا سبب غربتها وإقصاءها، ولكنها تظل تجربة شعرية مهمة في سياق أدبنا وإبداعنا الحديث والمعاصر، ولعل تناميها وإصدارها الكبير هذا العام دليل على توهجها.

  يضاف إلى ذلك الإصدارات التي تحمل تجنيساً دالاً ( كتب النصوص) التي بلغت (155) إصداراً كما أشار أخي الراصد خالد اليوسف ، وهي تحتل رقماً كبيراً تدل على موضة نشر جديدة .

  ومع هذا يظل الشعر دولة قائمة لم تزل ترسي أركانها على يد الشعراء المبدعين ومدوناتهم الشعرية. ولازال الفضاء الثقافي يشهد الإبداعات المتتالية في كل المدارس والاتجاهات.

وفي هذا الموسم الثقافي وجدنا العديد من الأسماء السعودية الشعرية على مستوى الذكور والإناث اقتحموا هذا المشهد بروائعهم الشعرية وإصداراتهم التي تنبئ عن تواصل الأجيال. ولكن الغريب هنا أن القلم النسوي الشعري ضمن الحركة الشعرية لعام 2019 م ، أقل إصداراً من أخيه (الرجل)، فلم تسجل لنا حركة النشر إلا ( عشرين ديواناً للشاعرات السعوديات كما يقول الراصد الزميل خالد اليوسف .

وهكذا كانت مسيرة الشعر والحركة الشعرية على مستوى النشر والإصدارات!! فما بالك لو تم رصد تلك المسيرة على مستوى الملتقيات والأمسيات الشعرية ، واللقاءات الصحفية والإعلامية مع الشعراء وحول الشعرية السعودية ، لكانت النتائج جداً مبهرة ومثيرة وداعية للفخر والاعتزاز بأن الشعر مازال هو ( ديوان العرب) !!

ونحن في انتظار التفاصيل الأكثر شمولية في حولية أخينا خالد اليوسف التي ستنشر قريباً وفي كتابه (حركة التأليف والنشر الأدبي في المملكة العربية السعودية لعام 1440هـ) الذي سيصدر عن أحد الأندية الأدبية في بلادنا إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.

جدة 22/2/1439

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى