المقالات

فيروس ووهان والأمن البيولوجي السعودي

يعيش العالم بأسره حالة من الهلع والرعب بسبب ظهور فيروس كورونا بصورة جديدة وتركيبة جينية متطورة. ولك أن تتخيل ما يقارب سكان المملكة العربية السعودية يتم احتجازهم ويفرض عليهم إجراءات مشددة في السفر والنقل العام وغيره. هذا ما حدث بالضبط عندما انطلقت شرارة فيروس كورونا المستجد من مدينة ووهان الصينيّة وأعلنت الصين وصول عدد المصابين قرابة (٩٠٠) حالة بينهم (٢٥) حالة وفاة، بينما لا تزال الحكومة تقاتل لاحتواء هذا الفيروس القاتل الذي تخشى أن ينتشر مثل النار في الهشيم. هذه الاستجابة السريعة والتدابير الصارمة وبناء مستشفى في غضون أسبوع ما هو إلا نتيجة لدرس قاسٍ تعلمته الصين من تجربة فيروس سارس،والذي أصاب الآلاف وقتل المئات بمن فيهم الأطباء.

أما المملكة العربية السعودية فقد واجهت هذه التجربة المريرة بانطلاقة شرارة كورونا من مدينة جدة عام ٢٠١٤م، وهو الحدث الذي تزامن مع بدايات المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها (وقاية). وكانت تجربةً كارثيةًلمؤسساتنا الصحية تعلمت منها الكثير من الدروس خاصة أن مدينة جدة هي بوابة العالم بأسره للأماكن المقدسة. أما المملكة اليوم في ٢٠٢٠م تحمي أمنها البيولوجي بشكل مختلف بسواعد أبنائها كما قال سمو ولي العهد في افتتاحية رؤية المملكة ٢٠٣٠ “ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت: شعبٌ طموحٌ، معظمُه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمانُ مستقبلها بعون الله“. اليوم نواجه مخاطرنا البيولوجية بعقول شبابنا الذين تتلمذوا في أرقى مؤسسات التعليم من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث. اليوم نتائج أبحاثنا البيولوجية والوبائية تنشرها المجلات العلمية الأعلى تأثيرًا ويستشهد بها الآلاف حول العالم. علماؤنا اليوم يعكفون على صناعة اللقاحات بأيديهم داخل مختبرات جامعاتنا ومراكزنا البحثيةويتعاملون مع التقنيات الحديثة بحرفية عالية. اليوم مؤسساتنا البحثية والاقتصادية تتحالف لكي تمضي قدمًا بخطوات متسارعة في بناء قدرات محلية في مجال إنتاج اللقاحات والعلاجات البيولوجية. كل ما ذكرته أعلاه تم مناقشته في الملتقى العلمي الأول للأمن والسلامة البيولوجية، والذي نظمته الجمعية السعودية لعلوم المختبرات الإكلينيكية في جامعة الملك سعود بالرياض. فقد اجتمع المهتمون بقضية الأمن والسلامة البيولوجية بخلفيات علمية مختلفة وجهات حكومية متنوعة سواءً الأمنية منها أو البيئية والصحية والبحثية كذلك. أجمل ما في هذا الحدث أنه لقاء مثري متنوع يقوده الفكر السعودي وروحه وحماية ثرى هذا الوطن.

أستاذ مشارك جامعة الملك عبدالعزيز

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button