في التاريخ الإسلامي القديم لما بُويع أبو بكر (رضي الله عنه) بالخلافة بعد بيعة السقيفة قال: (أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني).
وفي التاريخ الحديث قال الملك سلمان: “رحم الله من أهدى إليّ عيوبي إذا رأيتم أي شيء يضر بدينكم أو وطنكم أو مواطنيكم فالله يحييكم”.
المقولتان أعلاه توضحان أهمية النقد وحاجة المسؤول (أيا كان موقعه) لمعرفة مواطن القوة؛ لتدعيمها ومواقع الضعف لمعالجتها.
النقد بشرح مبسط هو الكتابة عن إيجابيات وسلبيات أعمال أو قرارات سواء في (الخدمات العامة، الشأن الاجتماعي، الرياضة…) وغيرها من المجالات، فالكتابة عن الجيد والرديء ليس الهدف منها الانتقاص من شخص أو كيان (وزارة – هيئة – …)، بل هي (الكتابة) وسيلة لغاية أكبر هدفها الإصلاح والتطوير. يغضب البعض من الكتُّاب إذا انتقدوا بل وينتقصون منهم أحيانًا، ويتهمونهم في وطنيتهم! وبعضهم يرى (اسم) الكاتب فيتعامل بعنصرية معه، بل ويحرك رتلًا جاهزًا للهجوم عليه!
أسوق المقدمة أعلاه لموقف عاتبني فيه (صديق) بعدما نشر على صفحته في (الفيسبوك) خبرًا عن اختراع شاب سعودي لسيارات ضد الانقلاب والتغريز والرصاص، بل وتتسلق الجبال أيضًا، علقت على الخبر بالإعجاب وحمدت الله وتمنيت أن يظهر الاختراع قريبًا وليس كما سمعنا من قبل عن اختراعات لم ترَ النور وما سيارة *(غزال)* عنا ببعيدة!، تعليقي لم يعجب الصديق الحبيب وطالبني بألا أكون سوداويًا في نظرتي للأمور، ويعلم الله أنني لما كتبت ذلك التعليق لم أحمل نظرة سوداوية للموضوع بقدر ماهي محاولة مني (كما يفعل غيري من الكتاب)؛ لإعادة الأمور إلى نصابها (التعامل مع الإنجازات الوطنية) قبل أن يصبح الشق أكبر من الرقعة.
من هذا المنطلق، وعلى مستوى الخدمات العامة، ليس تطبيلًا حينما نشيد بجهود وزارة الداخلية ونظامها أبشر الذي جعلنا نعيش رفاهية في الحصول على الخدمات التي كنا نحمل هم إنجازها مثل مراجعة الجوازات والأحوال المدنية، وكذلك ليس تقليلًا حين ننتقد المرور ونصفه بأنه الابن العاق لهذا النظام ببطء تطوره ولحاقه ببقية الأجهزة في نظام أبشر، فمن أبسط حقوق (المواطن / المقيم) أن يحصل على صورة (مرتكب المخالفة) التي تأتيه إناء الليل وأطراف النهار، ولا أدري أين الصعوبة الفنية في تنفيذ هذا الإجراء الذي سمعنا بإنجازه (أكثر من مرة) ولم نره حتى الآن؟
ومع التغييرات الكبيرة التي تشهدها الحياة اليومية لمجتمعنا، نحن لا نطبل إذا أشدنا بالإنجازات المتتابعة من *الهيئة العامة للترفيه* والتي أكدت للعالم بأننا شعب محب للحياة لا كاره لها، وأظهرت التنوع الثقافي لدى المجتمع السعودي، وأننا مثل بقية شعوب العالم فينا الصالحون ومنا دون ذلك، وتصرفات أفراد لا يمكن أن نعممها على مجتمع كامل وأخطاء (100 أو 1000) ليست مبررًا لحرمان ملايين من حق الترفيه، ولا نقلل من جهود الهيئة إذا ما طالبناها بالتدقيق والمتابعة الصارمة للمسؤولين عن المناسبات، وما يقدم فيها من برامج وحسن اختيارهم للشخصيات التي يتم استضافتها؛ لتقديم الفعاليات فليس كل مشهور يستحق أن تطأ قدماه أرض المملكة.
على المستوى الرياضي، فإن ما حققته *الهيئة العامة للرياضة* من إنجازات وآخرها (تأهل المنتخب تحت 23 عامًا لأولمبياد طوكيو 2020) يجعلها في غنى عن المطبلين، فها نحن نراها تسير بخطط علمية مدروسة (فعلا) نحو بناء منظومة رياضية متكاملة وتسعى لتطبيق مفهوم الحوكمة لضبط إدارات الأندية ومتابعة شؤونها بشفافية؛ مما يمكنها من الوفاء بالتزاماتها المالية حتى لا يُساء إلى سمعة الرياضة السعودية لدى الجهات الدولية (الفيفا)، ولا نقلل من جهود الهيئة إذا ما تساءلنا مستنكرين عن مصير ملعب الأمير عبدالله الفيصل! ماذا حلّ به؟ الصين شيدت مستشفى كاملا خلال أيام، والملعب المذكور لا زال تحت الإنشاء منذ 2012م، نعلم أنه سينتهي العمل من هذا المشروع يومًا ما، لكن لابد من توضيح التاريخ الفعلي فقد ينتهي خلال 2020 وقد ينتهي مع 2030 وربما….
الخلاصة
*صديقك من صَدقَك.. لا من صدَّقك!*
حقيقة.. مقال من وجهة نظري يسجله التأريخ لإبداع شمله من أوله حتى آخر سطر فيه، حقيقة التطبيل والتقليل واقع نعيشه في مجتمعنا، مع أننا في حاجة ماسة للتقييم في كل أمورنا، ومن يدعي الكمال غير الله سبحانه، يعتبر ناقص تربيع.. بوركت يمينكم أيها الزميل الوقور..