تعود على الذل، والمهانة وشرب من أقذارها، وتخلى عن المعروف والطيب في مجمل تفاصيل حياته، لا يؤتمن في كل حركاته وسكناته، شبيه بعديمي الضمير من مستغلي الظروف، انتهازي، خداع، غدار يلين في كلامه حتى يأخذ حاجاته، ثم ينقلب على كل المبادئ والقيم وهذا في حال كان به ذرة إيمان في الخلق الحسن. وانقلابه بلا تردد وبلا مقدمات على جميع العهود، والمواثيق. تجرد من أدنى درجات الإنسانية. والإنسانية بريئة من كل تصرفاته، محروم كل الحرمان من فعل الخير حيثما كان، وأينما كان، بعيد عن المروءة، وبعيد عن الوفاء كبعد الأرض عن السماء، لا أمل منه، ولا رجاء عنه. ولاينفع معه منطق ولا حكمة، ولا قول راجح كل الذي ينفع معه الهجران المستمر. قاتله الله تضيق الدنيا من رؤيته، وتتكدر النفوس من مخالطته. ليس له ود ولا عهد، ولا وعد، ولا مشاعر، وأحاسيس بشرية تذكر.
ليس هو بالشخص النادر، وليست قصصه من نسج الخيال، بل هو مثلنا يأكل، ويشرب، ويمشي في الطرقات، وينعق كثيرا في كل صغيرة، وكبيرة،كما يتميز بالثرثرة الدائمة في كل شاردة وواردة، ولكن ولله الحمد مثله قليل فقد ابتلانا الله به وبأشكاله؛ لكي نصبر على بلواه، ونحتسب الأجر.. فالدنيا دار ابتلاء وهو أحد الابتلاءات المشاهدة. والفائدة منه معدومة تماما في المجتمع المحيط به، كل أحاديثه أذى، ويكسوها كذب، وفجور. وعموما هذه العينة وعلى الرغم من سوؤها إلا أن لها ميزة وحيدة وهي تجعلك ترى الجانب الجميل الآخر من البشر من الفئة الطيبة الحسنة التي تحسسك أن الدنيا فيها كثير من الوجوه الخيرة.. ولذلك تمسك بها. وتقول أنت وهم على حد سواء: “الحمد لله الذي عافانا…” فمثل هذا الحقير للأسف شر لابد منه.
إن من الجميل جدا أن الإنسان المسلم يدرك تماما أن هذه الدنيا إنما هي دار ابتلاء، وأن الصبر على أصحاب النفوس الحقيرة عمل يضاعف الحسنات، ورفعة في الدرجات، والأجمل من ذلك أن الله مع الصابرين. فمثل هؤلاء المرضى في المجتمع لابد من تحمل آذاهم، وتحمل مصائبهم حتى يحدث المولى عز وجل بعد ذلك أمرا، ويفتك الإنسان من أوجاعهم المؤلمة.. فهم بالتأكيد عالة على أنفسهم، وعالة على أهلهم، وعلى محيطهم الاجتماعي، وفي كل الأحوال هم بلوى في كل مكان وزمان فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. والسؤال المرجو إجابته من أصحاب التخصصات الصحية في المجال الطبي النفسي هل من الممكن معالجة السلوك السلبي في مثل هذه الشخصيات السيئة؟ أم من الصعب العلاج وخاصة فيمن كبر في عمره وازداد ضيقا في عقله؟
مقال رائع من كاتب مميز بارك الله فيك