حين تظهر على المجتمع سمات أعراف وظواهر مستحدثة، يُدرك الفرد في حينها أنه أمام حتمية منعطفات مجتمعية جديدة، وتحديات قد تكون جسيمة؛ في كيفية تقبل هذا الأمر، فالتفكير في كيفية تقبل ذلك من جميع أطياف المجتمع المختلفة يشغل الحيز الأكبر في أدمغة الأفراد. فحين نتأمل ردة فعل الفرد؛ يظهر لنا أحد الأمرين الذي اعتدنا اكتشافهما، فالأول يرفض لمجرد أنه يرفض، والثاني يؤيد لمجرد أنه ردة فعل للأول، فلابد أن أؤيد لمجرد أن الآخر رفض.
‘‘ليس لذلك أي علاقة في النقد أو تأييد، فريق اعتاد أن يرفض، وفريق آخر اعتاد بأن يكون جاهزًا بردة الفعل‘‘.
في اعتقادي؛ ليست من الحكمة بأن تكون تلك الأعراف والظواهر المستحدثة على المجتمع سلبية برمتها، أو كما يسميها البعض دخيلة ومصيرها الرفض القاطع؛ فقط لأنه ليس من المتوقع حدوث مثل تلك الظواهر على المجتمع الذي هو متبنيه الأول في مخيلته، ويُفرض على الجميع ما يراه هو صحيحًا لا يقبل النقاش ولا الحوار في ذلك، فتكون الصدمة حينئذ مدوية حين تصبح تلك الظواهر من نسيج المجتمع لا يقف أمامها أي من العثرات سوى الوقت في تقبل ذلك.
لذا لابد أن نعي تمامًا أننا أمام مرحلة جديدة انتقالية من … وإلى …، فلذا لابد من أن ندعم كل ما هو مسيّر للتقدم والانفتاح العلمي المدروس، فالخطوات السريعة التي نشاهدها الآن لا تقف أمام (التحلطم) أو سلخ الذات، فما كان أمس من المحرمات (مجتمعيًا) أصبح اليوم من المسلمات ومرحب به، فالفطنة من المفترض أن تحتم على الفرد تقبل كل ما هو جدير بأن يكون منفذًا من منافذ التنمية والتقدم.
لا أنكر أهمية النقد، وبالطبع النقد البناء مطلوب وأساسي وأحد أركان وسمات المرحلة المقبلة والتي نعيشها، ولكن يعاب على البعض التأييد المطلق دون معرفة على ماذا يؤيد فقط لأن الآخر رفض بالمجمل؛ فتأييد يصبح هنا بالمطلق دون دراسة ومعرفة على ماذا يؤيد.
‘‘ففي ظني الإنكار يكون على الفريقين على من يجلد المجتمع باسم الأعراف، ويسلخ الذات فقط لمجرد أن المجتمع لا يسير وفق ما يريد، وعلى من يؤيد بغية أن يكون ردة فعل.
لابد التريث، ومعرفة، ومناقشة، وتفهم ما نحن عليه الآن وأن حصل وطرأ أي نوع من أنواع النقد يكون بناءً، لا تتحكم فيه أي نوع من المصالح الشخصية، لا نكن عقبة تشوه مفاتن التنمية‘‘.