طه عبد الرحمن هو واحد من أكثر الأدباء العرب الذين درسوا موضوع الحَجِاج، لأنه أبرز آلية لغوية يستعملها المتحدِّث للإقناع، وحدَّده بأنه كلّ منطوق به موجّه إلى الغير لإفهامه دعوى مخصوصة يحقّ له الاعتراض عليها، ويرى أيضاً أن لا خطاب بغير حجاج، أي: أن الحجاج أساسي في الخطاب الشفهي أو الكتابي، وكأنه خُلق مع الكلام منذ خلق آدم، ولا أدل من خطاب الله -عز وجل- في كتابه العزيز الذي ظهرت توجيهاته مدعمة بالأدلة والبراهين، وكذلك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، لا تخلو من الأدلة، والحجة الثابتة هي المدعمة بالدليل وغيرها يذهب ولا يبقى.
ولقد أكّد على الموضوعات التالية:
أ- الخطاب والحجاج،
ب- أنواع الحجج،
ج– أصناف الحجاج،
دـ- السلّم الحجاجي.
ويوضّح طه عبد الرحمن النماذج التواصلية، مرتكزًا على أن كلّ حجاج تواصل، فيصل إلى ثلاثة نماذج تواصلية للحجة، هي:
أ- النموذج الوصلي للحجة،
ب- النموذج الإيصالي للحجة،
ج- النموذج الاتصالي للحجة.
-النموذج الوصلي، فإنه يجرّد الحجاج من الفعالية الخطابية بمحو آثار المتكلم والمستمع، وبإظهار المضمرات الخطابية مع الجمود على الخصائص الترتيبية والصورية للحجاج، مستندًا في ذلك إلى نظرية الإعلام، فتكون نتيجة هذا التجريد تحويل الحجاج إلى بنية دالية مجردة.
– النموذج الإيصالي، فإنه يشتغل بدور المتكلم في الفاعلية الخطابية، فيركّز على القصدية من جهة ارتباطها باللغة، ومن جهة تكوّنها من طبقات قصدية متفاوتة، مستندًا في ذلك إلى نظرية الأفعال اللغوية، فتكون نتيجة هذا الاشتغال الواقف عند المتكلم، جعل الحجاج بنية دلالية موجهة.
– النموذج الاتصالي، فإنه يشتغل بدور المتكلّم والمستمع معًا في الفعالية الخطابية، فيركّز على علاقة التفاعل الخطابي، مبرزًا أهمية التزاوج القصدي والوظيفي والسياقي ودور القيم الأخلاقية، مستندًا في ذلك إلى نظرية الحوار مع تطويرها، فتكون ثمرة هذا الاشتغال المزدوج بالمتكلم والمستمع بعث الحجاج؛ ليكون بنية تداولية يجتمع فيها التوجيه المقرون بالأفعال والتقويم المرتبط بالأخلاق.
وأتفق مع طه عبد الرحمن بأن النموذج الاتصالي هو النموذج الأفضل؛ لأنه يشتغل بدور المتكلم والمستمع معاً في الفعالية الخطابية، مستنداً على نظرية الحوار مع تطويرها، فتكون ثمرتها بعث الحجاج ليكون بنية تداولية، يجتمع فيها التوجيه المقرون بالأفعال والتقويم المرتبط بالأخلاق.
د.سلوم النفيعي