ركبتُ لتونسَ الخضراءَ جوادي
وربي ثم إخواني عمادي
أبا عمرٍ أميرُ الركبِ فينا
ودوماً صاحبُ العقلِ الريادي
ومُحسنُ قائدٌ ورفيقُ دربٍ
ويبقى عندهُ الرأيُ السدادِ
وخالدُ يا أمينَ المالِ معنا
وعنوانُ الأخوةِ والودادي
لألفٍ بعدْها أربع مئينا
وإحدى واربعين بلا زيادِ
ركبنا رحلنَا لمرادِ خيرٍ
بنصفٍ للمقدمِ من جمادي
وطائرة كالريحِ تجري عصيةً
ونحوِ بلادِ القيروانِ مرادي
عشقتُ رباها درةً تونسيةً
وعندَ حيادٍ لستُ اهلَ حيادي
فأشجارُها تكسو الجبالَ مهابة
ولم تُبقي منها واحةً أو وادي
و أغصانُ زيتونِ و ماءُ مُغدِقٌ
وفي وردةِ الجوريّ طيرٌ شادي
وزيتونُها بالغرسِ أثقلَ طلعُه
كأفراقِ نحلٍ أو كثيبِ جرادِ
وفتقتِ الأزهارُ أجملَ ضحكةٍ
إذْ التقيا هطلُ الندى وبرادُ
وإِنْ طربت نفسُ العليلِ لنسمةِ
تهبُ نسائِمُها بمزنٍ جادي
وتشدو عصافيرُ الميادينِ في الدجى
ترانيمَ عودٍ أو رجيزَ الحادي
وفي كلِ صبحِ نسمةٌ عبقريةٌ
وفي كلِ ليلِ صبُ غيثٍ غادي
وأثارُها الغراءُ تُنبئكَ أنها
حصونٌ لأهلِ حضارةٍ وجهادِ
التغلبي والزّيرُ ثُم موحدٍ
ومُرابطُ الحفصي بوجهِ العادي
لعشرِ قُرونٍ أحكموا أسوارَها
من كلِ محتلٍ لها ومُعادي
أقاموا ممالِكها وصانوا حُصونها
ورَعوا حضارتها بِقبضِ زِنْادِ
سألتُ الهَ الكون يحفظُ تونسا
ويمنعها شرا وأهلَ فسادِ
بنيتُم وشيدتُم أساسَ حضارةٍ
وسخرتُموا بعد العقولِ أيادي
بكلِ بقاعِ الارضِ نارٌ ومخلبُ
سأدعوا كفاكِ اللهُ شرَ أعادي
وياحبذا قولاً يُدرُ فصاحةً
ولفظا عزيزا من لسانِ الضادِ
ومهما تباعدت المنازلُ والذرى
أظلُ باشواقي لارضِ بلادي
………………
مكة المكرمة