حملت القرارات الملكية الأخيرة بشرى تفاؤل فيما يمكن أن تسفر عنه من تطوير في الهياكل الإدارية لعدد من الوزارات، إذ إنها تمثل أهمية كبرى في عملية التطوير والإصلاح الإداري والهيكلي لمختلف قطاعات الدولة، وتعزيزًا للأداء العام والرفع من الكفاءة والإنتاجية، فمن المؤكد أنها ستساهم في تحسين مخرجات الأجهزة الحكومية وبالتالي تحقيق ما يتطلع إليه المجتمع من تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، وبما يؤكد اهتمام القيادة الحكيمة بوضع الخدمات المميزة في مقدمة الأولويات، للسير بثبات نحو المستقبل الواعد ووصولًا إلى مستويات مثلى تحاكي الممارسات العالمية، كما أنها تشكل داعمًا قويًا لتنفيذ برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة – (2030) وتؤكد أنه يسير في مساره المخطط له بكفاءة عالية من شأنها تعزيز الفاعلية، وترشيد الإنفاق.
فتحويل الهيئة العامة للسياحة، والهيئة العامة للرياضة، والهيئة العامة للاستثمار إلى وزارات، يؤكد توجّه القيادة الرشيدة لتنمية هذه المجالات انطلاقًا من أهميتها، وضرورة خدمتهما بشكل متميز تحت مظلة مجلس الوزراء بمنحها مقعدًا في المجلس الموقر، لتكون ذات صفة أقوى اعتباريًّا، وباختصاصات أكثر شمولًا، إضافة إلى أن استحداث وزارات لها علاقة بالاقتصاد مثل السياحة والاستثمار سيساهم في تعزيز تنويع مصادر الدخل، وليتكامل الأمر مع الإصلاحات المتعلقة بالقطاع المالي ارتقاءً بآليات العمل الحكومي، وفق أفضل المعايير العالمية المعتمدة.
أما ضم وزارة الخدمة المدنية مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في وزارة واحدة، فأعتقد أن ذلك سيكون له مردود ايجابي في تنظيم مسارات التوظيف والعمل، ووحدة الإجراءات بين القطاعين العام والخاص، ودعم برامج التوطين، كما أنه يحقق ترشيد الإنفاق انطلاقًا من مستهدفات رؤية 2030 بشأن الموارد البشرية.
وبالنسبة للاعلام، فالحديث عنه ذو شجون، فإعلامنا أمام تحديات كبيرة تتطلب مواكبة المرحلة، والعصر الإعلامي الذي نعيشه اليوم يفرض علينا ضرورة تغيير تصوراتنا عن الكثير من الأشياء ووضع رؤية إعلامية نافذة تقرأ مستقبل العمل الإعلامي كصناعة وفن، فقد اختلف دور الإعلام كأداة، ما يجعل المهمة ليست سهلة، وليصبح دور وزارة الإعلام أكثر أهمية وقيمة من ذي قبل.
إن قيادتنا الرشيدة تولي قطاع الإعلام أهمية قصوى ودعم لا محدود، انطلاقًا من وعيها وإدراكها بأهمية الدور الوطني للإعلام، وقدرته على النهوض بمقدرات الوطن والتصدي للهجمات وإبراز الصورة الحقيقية المضيئة لما تشهده بلادنا من نهضة كبيرة في جميع المجالات، وتعزيز ريادة المملكة في المنظومة العالمية، فلا تألو حكومتنا الرشيدة عن تقديم كل ما يمكن أن يساهم في ارتقاء منظومة الإعلام، من خلال تهيئة أرضية مواتية تمكنه من الانطلاق نحو المجد ووفق ثوابت راسخة، ويأتي تكليف معالي الدكتور ماجد القصبي بمهمة وزارة الإعلام – هذه المهمة التي لا تقبل إلا العطاء من أجل الوطن – إيمانًا بأهمية التجديد في هيكل الوزارة لمواكبة المتغيرات؛ ورغبة في مواصلة أعمال تسويق النجاحات السعودية للعالم.
ولا غرابة في أن تسند هذه المهمة الى معالي الدكتور القصبي، فهو رجل المهمات الصعبة، فقد كلف من قبل بوزارة البلديات، وتمكن خلال فترة وجيزة من إدارة مهامها بكفاءة عالية ونقل الأداء فيها إلى مستوى مرتفع واستحدث العديد من المبادرات الناجحة، وهو قادر بعون الله على إدارة دفة الإعلام بما يرتقي إلى مستوى التطلعات.
لقد أصبحت مهمة الوزارة اليوم جسيمة، فالإعلام في كل مكان يمر بمنعطف مفصلي وتحولات عميقة تكتنف العالم كله، وليس المنطقة أو المملكة فحسب، مع العديد من الهجمات المضادة، فهي مرحلة جديدة، في خضم ثورة المعلومات المقترنة بثورة الاتصالات؛ إضافة إلى التهافت الكبير على المعلومة ودون النظر إلى مدى صحتها، مما يزيد من حساسية المهمة ودقتها، ويتطلب وضع خطط فاعلة، وعمل منظم، ومنهجية واضحة، فضلاً عن الأخذ في الاعتبار كل مقترح من شأنه النهوض بالإعلام السعودي، اتساقًا مع هذا الانفتاح ..
إن وزارة الإعلام اليوم أمام تحدٍ كبير، وهي قادرة بعون الله، فالأمر يتطلب وضع خطط إستراتيجية ورؤى واضحة وآليات تنفيذية فعالة لبرامج الوزارة؛ لكي تواكب متطلبات العصر، واستقطاب وتطوير الكوادر الإعلامية الوطنية التي هي محور العمل الاعلامي، وإنشاء معاهد متخصصة لتدريبهم وتأهيلهم في مختلف التخصصات من صحافة وإذاعة وإخراج وغير ذلك، وبمعنى أدق، صناعة الإعلامي وتمكينه من المحافظة على دوره المهني في ظل التغيرات، والأدوات التي يجب أن يمتلكها في العصر الرقمي وطرق تطويعها لخدمة الرسالة الإعلامية، والاطلاع على التجارب المتقدمة في هذا المجال، مع ضرورة التوسع في إتاحة الفرص في المؤسسات الإعلامية وفي ظل تحديات التحول الرقمي؛ إضافة إلى ضرورة تفعيل العديد من المحاور الهامة كصياغة المحتوى والتصدي للأخبار المضللة وإنشاء مراكز إعلامية متخصصة، وغير ذلك من المحاور التي من شأنها النهوض بإعلامنا والمعنيين به، لنكون قادرين على مخاطبة العالم من خلال منصاته ومنابره والوصول للآخر بثقافته ومفاهيمه.
0