نقرأ الكثير من المحاولات لكتابة القصة القصيرة جدًا والتي تتسم بالخاصية الشاعرية والإيحائية البلاغية من خلال أسطر شعرية تتقارب مع قصيدة النثر، فعندما نجمع عددًا من القصص القصيرة جدًّا نستطيع أن نكوّن قصيدة نثر، من أهم مميزاتها: الغموض، والرمزية، وللأسف يتساهل الكثير في كتابة تلك الومضة، ولكنهم يقعون في فخٍ كبير جدًا، فهي ليست بتلك السهولة المتوقعة، لذلك أدعو كتّاب القصة القصيرة جدًا المبتدئين إلى الاطلاع على كتاب: (السرد الوامض) للدكتور صالح هويدي، والذي حذّر فيه من خطورة كتابة القصة القصيرة جدًّا، وذكر أنها جنس أدبي عربي أصيل، وهي امتداد للمقامة القديمة، والخاطرة القصيرة، وأطلق عليها بعض التسميات، منها: القصة البرقية، والقصة المصغرة، والقصة المفاجئة، والقصة القصيرة جدًّا وغيرها، ولا يرى في كل سرد قصير الحجم قصة قصيرة جدًا، وذكر شروطًا مهمة، منها:
لها لغتها الخاصة التي تجمع بين لغة النثر ولغة الشعر معًا، مثل: الاستعارات والمجازات الشعرية، والحبكة السردية الخاصة، واعتبر أن هذا الضرب من السرد القصصي ضرب أصعب من سواه، وأكَّد أنه فن فاضح لمن لا يملك موهبة قصصية، فإما النجومية أو السقوط المدوّي.
ومعاييرها كثيرة لم يتفق النقّاد عليها، ومنها:
الطرافة، الإدهاش، عمق الأثر، الإيقاع القصصي، الاهتمام بعلامات الترقيم، التركيز، التنكير، التلغيز، الاقتضاب، التكثيف، الإضمار، الحذف، الإبهار، الإرباك، والحيرة الدلالية.
وأضاف إليها:
استجابة القارئ، تأسيس أفق التلقي، المفاجأة، الجملة البسيطة، الجملة الفعلية، التسريع، التناغم الداخلي، البداية القصصية، الصورة الومضة، السخرية، المفارقة، والاشتباك.
وأكَّد أنها لون مستقل لن يمحو لونًا آخر أو يأخذ دوره، مثل القصة القصيرة، ويرى أن كاتبها يجب عليه التمسك بطابعها السردي، ويسرد أحداثًا ووقائع لا يمكن للقصيدة أن تسردها.
ومن أراد أن يتألّق في كتابة القصة القصيرة جدًا فيجب عليه الحذر، ولا يتناولها إلا بعد قراءة مكثّفة وتدريب ممنهج؛ حتى يصبح كاتبًا محترفًا متمرسًا، ومواكبًا للمستوى الحقيقي لهذه الومضة الخطيرة والعجيبة.
د. سلوم النفاعي
1
ماشاء الله .. متميز دائما في اختيار المواضيع وفي صياغتها للقارئ،،
بعض عناوين الكتب قد يغفل عنها البعض وقد تحوي الكثير من الفائدة .. وكعادتك تفاجئنا في اقتناص الثمين وعرضه بالمجان .