المقالات

كورونا التعليم

قوام أي أمة في تعليمها ، وعمادها الأول شبابها ؛ بل محور حياتها وعمودها الفقري ، وقد أُبتلي العالم بهذا الوباء ، وبغض النظر عن تكهنات المرض وطريقة إعداده و انتشاره ، فإن قدرة الله هي المسيطرة على الكون ، والمدبرة لأحواله ، فالفايروس لا يُرى بالعين المجردة وأربك العالم بأسره ، فما بالك بآيات الله العظيمة الجسيمة ؟
إن الناظر لما آلت إليه الأمور في بضعة أيام خلت ، ليدرك أن الإنسان بكل طاقاته ومخترعاته لا يساوي شيئًا يذكر أمام تبصرة وتفكر في ملكوت الله ، وهذا دليل دامغ على أن الله قادر على أن يحول هذا الكون المتطور في غمضة عين إلى حياة بدائية ، وكائنات تبدو غريبة ، حال هذا الكون كحال عربة قطار انحرفت عن سكة الحديد ، فاعتراها الوهن ، وعلا جوانبها الغبار ، وسكنتها شوارد الكائنات الحية !!
نعم شلل تام ، وذهول كامل يشهده العالم ؛ بل انصرفت الأنظار تلقاء الوباء ، وتناسى البشر قضايا شغلتهم عشرات السنين .
إنّ الخطوات التي تتخذها الدول ، والتدابير الاحترازية ، لم ولن تمنع الوباء مالم يُسلك الطريق القويم ،﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون﴾ ، فكل ماهو مقدر في هذا الكون ويحدث ، إنما من عمل الإنسان الضعيف ، الذي لا يأبه بالعواقب ، ﴿أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون﴾، وحكومتنا الرشيدة لا تألوا جهدًا في الحفاظ على صحة المواطن والمقيم ؛ بل تواصل العمل الدءوب ليل نهار لأجل السلامة ، بيد أنّ الخطوة التي اتخذها التعليم تعتبر غير كافية ، فتعليق الدراسة والمطالبة بتفعيل منصة التعليم عن بعد فيها ما فيها من شوائب وثغرات ، فهل كل المعلمين جاهزون لإعطاء الدروس ؟ وهل الطالب مهيأ لتلقي العلوم والمعارف عن بعد ؟ من سيراقب الطالب الذي أعيا المعلم وهو أمامه على مقعد الدراسة ؟ فكيف إذا ابتعد قلبه وجسده ؟ هل التكنولوجيا متوفرة في كل بيت ؟ هل الطالب الذي يتقاضى مصروفه اليومي من إعانات المدرسة أو المحسنين قادر على الدخول على النت ؟ هل تتوفر الأجهزة الذكية لكل طالب وطالبة في المنازل ؟ ولنفرض أن البيت فيه ملا يقل عن طالبين أو ثلاثة .
التعليق يا معالي الوزير ليس حلًا ؛ بل جزء من المشكلة ، وبما أن العام الدراسي بنصفه الثاني قد شارف على الانتهاء ، فمن الضروري تقديم الامتحانات ، والشروع فيها فورًا ، ولا ينظر للمدة التي يستريح فيها المعلم ، وتكون صدى للحسد ، ومجالًا للتجاذبات ، ظروف المرحلة والمحافظة على سلامة العنصر البشري أكبر من النظر لصغائر الأمور ، وأعتقد بأن شهرًا واحدًا لن يؤثر على مسيرة الطالب والطالبة ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار عواقب الأزمة .

د. نايف بن عبدالعزيز الحارثي

أستاذ اللغة العربية المشارك بكلية الملك عبدالله للدفاع الجوي

مقالات ذات صلة

‫5 تعليقات

  1. نعم.. أحسنت في طرحك يادكتور، ونأمل أن يجد صدى طيب هذا المقال المطروح.

  2. خليكم من الاقتراحات التي لا تراعي مصلحة ابناء الوطن ومعليميهم لنت في مكتب ولا احد جنبك وجالس تنظر والمعلمين والطلاب هم الي بيتعرصوا للوباء والدولة والوزارة حريصة على ابنائها وشكرا

  3. أجدت وأفدت د. نايف …التعليق جزء من الحل لكن تقديم الاختبارات هو الحل الأمثل
    وفقك الله منسوبي التعليم لكل خير ونفع بهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى