عبدالرزاق حسنين

صناعاتنا وكورونا والصين

الحمد لله تعالى الذي أنعم على هذه البلاد بثروات وفيرة، وقيادة حكيمة تعمل على تسخير تلك الثروات بعونه تعالى في تنمية الحاضر والمستقبل، ولو عاد بنا التأريخ إلى مرحلة ما بعد ظهور النفط في المملكة، لنتذكر تلك الطفرة التي نقلتنا من البداوة التي نعتز ونفاخر بها، إلى الحضارة التي شهدتها البلاد والعالم من حولنا، تلك الطفرة التي ادخرتها القيادة السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، إذ حرصت المملكة على الإستفادة من تلك الطفرة البترولية، بالعمل وفق خطط تهدف إلى بناء إقتصاديات وآعدة، هي في حقيقتها بنية تحتية لما تعيشه المملكة في حاضرنا المعاصر، ولنتحدث هنا عن الجانب الصناعي، الذي حرصت الدولة منذ ذلك الحين إلى إعطائه أولوية الإنفاق السخي، بمساهمتها في دعم المشاريع التنموية، بمنح المستثمرين الأراضي المناسبة لإنشاء مشاريعهم في المدن الصناعية المنتشرة في كل مناطق المملكة، إضافة إلى الهبات المالية والمعدات اللازمة والقروض الميسرة، التي كان يحصل عليها كل من تقدم بدراسة أولية لمشروعه، وفي ذلك نظرة إستباقية ثاقبة لبناء إقتصاديات المملكة، التي نجني ثمارها في الوقت الحاضر، ومن هذا المنطلق ولما يعيشه العالم من أزمات إقتصادية وغيرها، وخاصة ما حصل في الصين التي تعد أكبر إمبراطورية صناعية في العالم، للتوقف المؤقت لجميع مصانعها، في خطوة إحترازية لمكافحة وباء كورونا، وما تناقلته وسائل الإعلام من تعطل للكثير من خطوط الإنتاج في المصانع العالمية، وقد نكون نحن من الذين تأثرت مصانعنا وأسواقنا من ذلك التوقف، بعد أن غزت البضاعة الصينية أسواقنا كغيرنا من دول العالم، ولنتذكر بداية الصناعات والسلع الصينية، التي كان يرفض الكثيرون شراءها، لرداءتها ومخاطر السلامة في إستخدامها، ولكن ما لبث أن تطورت صناعاتها بجودة عالية، تكاد كبرى الشركات العالمية لا تستغني عنها ضمن خطوط إنتاجها، والحديث عن بدايات الصين يعيد بنا الذاكرة، إلى سنوات الفقر التي كانت تعيشها مع تضخم عدد سكانها، مما جعلها تأكل الأخضر واليابس من حشائش الأرض وديدانها، والتي أصبحت وأمست من المأكولات الشعبية الموروثة حتى بعد تنامي إقتصادياتها، والحديث عن ثقافات الصين وطقوسها الدينية يطول، وبالعودة إلى تأثر بعض المنتجات في أسواقنا لما لحق بالصين كإمبراطورية صناعية لا تنام، يلزم المستثمرين في مملكة الخير إلى إعادة بعض حساباتهم، والعمل الجاد على إنشاء العديد من المصانع في المملكة، وبالتحديد *مصانع الإحتياجات المنزلية* ذات الربحية البعيدة أو المتوسطة الأجل، بإعتبار أن للمملكة نهضة سابقة في صناعة المعادن الثقيلة والبتروكيماويات وغيرها من الصناعات الحربية والعسكرية، وفي صناعة الإحتياجات الطبية والمنزلية ضمانة للمستثمر والمجتمع، بالتعاون مع الجهات المعنية في التجارة والصناعة، لحماية منتجاتهم *بالحد من الواردات الصناعية الخارجية المماثلة*، إضافة إلى ما تتمتع به المملكة العربية السعودية من الإستقرار الإقتصادي والأمن والسلام، الذي شهد له العالم أجمع، وبما يساهم بعون الله في تحقيق أهم بنود رؤية المملكة 2030، وما يطمح إليه عرابها ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، نحو توظيف أكبر عدد من أبناء وبنات الوطن، لا سيما وتنامي أعداد الكوادر المؤهلة العائدة من البعثات الخارجية، والأعداد الكبيرة المؤهلة من خريجي جامعاتنا السعودية، وقد يقول بعض المستثمرين بأن التصنيع في بلد كالصين مثلاً يوفر لهم المبالغ الطائلة، لوفرة الأيدي العاملة المؤهلة مسبقاً وإنخفاض أجورها، وسهولة الإجراءات الإدارية الروتينية لإنشاء تلك المصانع، وهنا وقفة إمتنان ورد للجميل والعطايا، التي ساهمت بها المملكة لكل المستثمرين منذ بداياتهم، وقد حان الوقت للعمل الجاد على إنشاء العديد من المصانع وغيرها من المشاريع الإستثمارية على أرض الوطن، برأس مال سعودي أو بالشراكات العالمية، وتثقيف أبناء وبنات الوطن بدورات داخلية وخارجية، تزيد من تأهيلهم للإنخراط في تلك المشاريع الصناعية، غير متناسين أن للوطن علينا حقوق للإرتقاء بتنميته وإقتصادياته، ولإستمرارية المحافظة على العالمية، التي يشار إلينا بها في كل المحافل الدولية، لا سيما ونحن بفضل الله نعيش إستقراراً إقتصادياً وإنفتاحاً، وحوارات مباشر مع جميع دول العالم، بما يزيد من قناعات المستثمر العالمي، للشراكات الإستثمارية الرابحة داخل المملكة، وختاماً يجدر الإشادة بما تناقلته وسائل التواصل، لتوسع عدد من المصانع السعودية المتخصصة في صناعة الأدوات الطبية المساعدة، بمضاعفة إنتاجها من الكمامات والمعقمات الكحولية وملابس السلامة الوقائية، بما يؤهلنا للإكتفاء الذاتي والتصدير للدول الأخرى الأكثر ضرراً بوباء كورونا، فهل سنغمر أسواقنا بالمزيد من المنتجات الصناعية التي تتوجها عبارة *صنع في السعودية*، بما يعد مفخرة لنا وللأجيال القادمة بعون الله، الذي نبتهل إليه أن يزيل الغمة عن بلادنا خاصة وبلاد العالم أجمعين.

عبدالرزاق سعيد حسنين

تربوي - كاتب صحفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى