قمة استثنائية طارئة برئاسة المملكة العربية السعودية، عقدت عبر الفضاء الإلكتروني وجمعت قادة الدول الأقوى اقتصاديًا في العالم لبحث تداعيات فيروس كورونا وتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الفيروس الذي شلّ عددًا من دول العالم وأودى بحياة الآلاف من مواطنيها.
وأكد خادم الحرمين الشريفين، خلال كلمته في القمة الاستثنائية لدول مجموعة ال20، وقوف المملكة ومساندتها لمنظمة الصحة العالمية ودعمها لكافة الأبحاث العلمية التي تسرّع الوصول إلى لقاح يقي من فيروس كورونا ويحد من تداعياته وتأثيرات على الاقتصاد العالمي.
وحول كلمة خادم الحرمين في القمة، قال أستاذ اللغة الإنجليزية واللغويات المساعد بجامعة الباحة د.عبدالله بن سعد العوني، “بينما تنشغل دول العالم بمواجهة تداعيات جائحة كورونا بشكل فردي تجلت به هشاشة بعض الاتحادات والتحالفات الدولية, وأطلقت بعض الدول مبادرات فردية لاترقى لمستوى احتواء هذا الظرف التاريخي العصيب, دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- قادة دول مجموعة العشرين (G-20) لعقد قمة استثنائية افتراضية برئاسة المملكة العربية السعودية, ألقى فيها الملك سلمان-أيده الله- كلمة افتتاحية اشتملت على عدة مضامين عكست الدور الإنساني والالتزام الأخلاقي للمملكة تجاه شعوب العالم”.
وأوضح العوني، أن “المملكة دأبت على الاهتمام بكل ما من شأنه بناء الإنسان وتحقيق رفاهيته, حيث دعا خادم الحرمين قادة دول مجموعة العشرين إلى التعاون والعمل المشترك الموحد لتذليل جميع العقبات, وإيجاد السبل للحد من تداعيات جائحة كورونا الصحية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية والتنموية, آخذاً بعين الاعتبار مد يد العون للدول النامية والأقل نمواً لتجاوز هذه الأزمة العالمية”.
وأضاف أن “دعم وتمويل الأبحاث العلمية جاء لإيجاد لقاح لفيروس كورونا (COVID-19) المستجد كأحد مضامين كلمة خادم الحرمين الشريفين, فلا غرو إنه لا يمكن إجراء الأبحاث العلمية – لاسيما الأبحاث الطبية – من غير تمويل فضلاً عن تطويرها؛ إذ إنّ تطوير البحث العلمي مرهون بما يقدم له من إنفاق وميزانيات”.
وأشار إلى أن “الدعم السخي يعمل على تطوير البنية التحتية البحثية, ويوفر البيئة الملائمة للمتخصصين والباحثين حيث المراكز والمعاهد البحثية المتخصصة بكل ما تحويه من مختبرات ومعامل ومصادر تتيح لهذه المراكز إمكانية إجراء الدراسات والأبحاث التعاونية مع مؤسسات القطاع الحكومي والخاص المتخصصة وغير المتخصصة أو الأبحاث التنافسية فيما بينها في جميع المجالات”.
واسترسل العوني “بهذا لن تكون حركة البحث العلمي مواكبة لعصرها فحسب, بل ستكون هناك طفرة بحثية وثراء علمي يتيحان للباحثين تصور مستجدات العصر وإيجاد الحلول السريعة لمشكلاتها على أسس علمية متينة وتفادي أي تفشيات مستقبلية كما دعت إليه كلمة خادم الحرمين الشريفين الاستثنائية”.
ومن جانبه، قال أستاذ الإعلام الدولي بجامعة أم القرى الدكتور محمد هندية، “لا شك في أن دعوة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- إلى تعاون دول العشرين في تمويل الأبحاث العلمية لإيجاد لقاح لفيروس كورونا خطوة مستقبلية ورؤية ثاقبة لم يسبقه إليها أحد من زعماء العالم، حيث أن انتشار الفيروس في العالم أظهر لنا ضعف وخلل وعجز منظمة الصحة العالمية في المواجهة وان الأبحاث عن لقاح جاء متأخرا بعد تفشيه والجهود فيه فردية من بعض الدول وهذه الفجوة سوف تردم بدعوة خادم الحرمين الشريفين إلى تعاون دولي و مواجهة دولية مع الكارثة الصحية التى طالت كل دو ل العالم”.
وشدد هندية، على أن “دعم منظمة الصحة العالمية بمركز أبحاث عالمي تشارك فيه كل الدول هو أمنية ارجو ان تتحقق ويخرج لنا هذا الاجتماع بإنشاء هذا المركز الدولي ليكون قرن استشعار عن بعد ويكشف لنا المخاطر الصحية التي تهدد البشرية”.
بدوره، نوّه الممثل الإعلامي للمملكة في التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب البروفسور محمد بن سليمان الصبيحي، بما جاء في كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – لقادة مجموعة دول العشرين في القمة الاستثنائية الافتراضية، من دلالات عميقة ورؤى ناضجة تجاه التعامل مع أزمة وباء كورونا الجديد؛ حيث أكد خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- على مسؤولية مجموعة العشرين في إطار دعمها لجهود معالجة هذه الأزمة في تعزيز التعاون لتمويل أعمال البحث والتطوير سعياً للتوصل إلى لقاح لفايروس كورون.
وأوضح الصبيحي، أن كلمة خادم الحرمين توضح “رؤية المملكة في معالجة الأزمة باعتبار البحث العلمي نشاط إنساني يتصف بإتباع قواعد واضحة ومنظمة للوصول إلى الحقيقة، بهدف حل مشكلة، أو استقصاء عن وضع معين أو تصحيح فرضية، أو التحقق من صحة نتائج توصلت إليها دراسة سابقة، من أجل جمع الحقائق وتنظيمها وتفسيرها، وربطها بالنظريات والحقائق للإضافة المعرفية في حقل من حقول المعرفة، على اعتبار أن تراكم المعرفة هو السبيل لبنائها”.
وأضاف “كلمة خادم الحرمين الشريفين في قمة العشرين إشارة واضحة إلى أن الاهتمام بالبحث العلمي يقود المعرفة العلمية المفضية إلى التطور والرقي الحضاري في شتى قطاعات الحياة، ولابدّ لأي مجتمع يسعى للتقدم وتحقيق نهضة فكرية واجتماعية بأن يهتمّ بالبحث العلمي بعده أحد أهم مصادر المعرفة ذات الموثوقية العالية لما يتسم به من تجرد وموضوعية هدفها الحقيقة بعيداً عن الانطباعات الشخصية والحقائق الظنية؛ فقد بات من المسلّم به عالمياً أن البحث العلمي هو استثمار مجدٍ وطويل الأمد، وحجر الزاوية في بناء المعرفة عبر الحضارات الإنسانية”.
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية شهدت خلال العشر سنوات الماضية اهتماماً كبيراً في البحث العلمي بعده واحداً من أبرز العناصر التي تعوّل عليها “رؤية المملكة 2030” الهادفة إلى التحوُّل نحو الاقتصاد المعرفي؛ إذ تضاعف عدد البحوث العلمية المنشورة في الدوريات العالمية عدة مرّات، من (1400) بحث في عام 2006م إلى نحو (9000) بحث في عام 2013م، وكشف مؤشر نيتشر للأبحاث العلمية أن المملكة حققت في عام 2016، أعلى معدل نمو في البحوث العلمية عالية الجودة في غرب آسيا، وازدادت مساهمة المملكة في نشر أوراق البحث العلمي العالي الجودة بمعدل أكبر من أي بلد آخر في غرب آسيا، وحلّ النمو الذي حققته في المركز الثامن بين أعلى معدلات النمو على مستوى العالم، أما على صعيد إجمالي مخرجات البحث العلمي، فقد أدى هذا النمو إلى دفع مكانة المملكة ثماني درجات إلى الأعلى، من المرتبة التاسعة والثلاثين إلى المرتبة الحادية والثلاثين بين دول العالم، والأولى عربياً، وبلغ إجمالي الإنفاق على البحث العلمي في المملكة خلال العام الماضي 2015م، نحو 6.75 مليار ريال، وبذلك تحتل المملكة المرتبة السابعة والثلاثين عالمياً في الإنفاق على هذا المجال.
وبيّن أنه بقراءة سريعة لمظاهر التقدم والتطور في دول العالم نجد أنها مرتبطة ارتباطاً جذرياً باهتمامها بالبحث العلمي وإعطائه الأولوية في الإنفاق وتهيئة كافة الإمكانات البشرية والمادية للعناية به، وعلى مستوى أزمة تفشي وباء كورونا الجديد فلا شك أن العالم بأسره أعينهم تنظر إلى مراكز البحث الطبي والمختبرات الطبية وعلماء الطب في انتظار الوصول إلى لقاح ناجع لمعالجة هذه الجائحة وبالتالي فإن التركيز على هذا الهدف العلمي تمويله هو الاستراتيجية الصحيحة للخروج من هذه الأزمة، وهو ما أكدته كلمة خادم الحرمين الشريفين لقادة مجموعة دول العشرين في القمة الاستثنائية الافتراضية.
وسأل الصبيحي، – الله – عزّ وجلّ – في ختام حديثه أن يديم على بلادنا أمنها واستقرارها، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله -، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء.