فجأة، وبلا مقدمات نسي العالم صراعاته التاريخية، والتوتر الطائفي، والأزمات الاقتصادية، والاضطرابات السياسية وصار الفيروس الصغير محور أخباره. انتظرنا بشغف ظهور المجموعات الخارقة التي رأيناها في أفلام (هوليوود) والتي تتدخل لإنقاذ الكون من هجوم فضائي أو اصطدام نيزك أو لتخفف (من أثر العصر الجليدي)، إلا أنه وبكل أسف، لم يكن لتلك المجموعات أثر، وظهر العالم بكل تقنياته ضعيفًا أمام (كورونا المتجدد)، الفيروس الذي لا يرى بالعين المجردة!
جائحة (كورونا المتجدد) فيها دروس مستفادة ومؤشرات تخبرنا للاستعداد لما هو آت.
على المستوى الدولي، أبرزت الأزمة غيابًا تامًا لقيادة دولية لمكافحة هذه الجائحة. لم تحاول الأمم المتحدة ومؤسساتها المتعددة، ودول مثل أمريكا وروسيا والصين، الأخذ بزمام المبادرة، اكتفت أوروبا بدور المتابع، فصارت كل دولة تعتمد على مواردها الخاصة للتعامل مع الفيروس وعواقبه. يقول أهل التخصص، إن هذا الأسلوب في التعامل مع هذه الجائحة قد يلحق بالعالم أضرارًا اقتصادية بل وينسف فكرة *(العولمة)* كمبدأ تنظيمي للنظام الدولي ويتطلب التعافي من الآثار الاقتصادية وقتًا طويلًا على الأرجح، مما يزيد من فترة الركود الاقتصادي.
وقد أدركت السعودية خطورة المرحلة فسارعت بالدعوة لعقد اجتماع قمة (استثنائي – افتراضي) لمجموعة العشرين G2 بهدف بحث سبل توحيد الجهود (العالمية) لمواجهة انتشار هذه الجائحة. وفي الجلسة الافتتاحية للقمة، قال الملك سلمان، حفظه الله إن “تأثير هذه الجائحة قد توسع ليشمل الاقتصاديات والأسواق المالية والتجارة وسلاسل الإمداد العالمية، مما تسبب في عرقلة عجلة التنمية والنمو، والتأثير سلبًا على المكاسب التي تحققت في الأعوام الماضية”.
على المستوى الداخلي للسعودية، في الوقت الذي (تباطأت) حكومات (القارة العجوز) وغيرها في التعامل مع هذا الفيروس، حتى وصلوا لمرحلة الفرز بين المرضى ومن يستحق الحياة منهم ومن لا يستحقها، أبهرت (قيادة وحكومة) السعودية العالم باحترافية إدارة الأزمة من حيث الشفافية والمصداقية وبسرعة تطبيق الإجراءات الاحترازية العالمية، وتسخير كافة الإمكانيات لتقديم الرعاية الصحية لكل (إنسان) داخل الحدود السعودية و تذليل كافة الصعوبات للمواطنين (خارج) البلاد، وتقديم الدعم الكامل لهم ومن ثم الترتيب لعودتهم وتأمين الحجر الصحي (على نفقة الدولة)، وتلقي العلاج والرعاية الصحية لمن تستدعي حالته. وكشفت أجهزة الدولة عن قدرة كبيرة في التخطيط والاستعداد والتنفيذ للسيطرة ومكافحة الأزمة، وهذا ما لمسناه جليًا في النظام الصحي والأجهزة الأمنية وغيرهما من أجهزة الدولة ذات العلاقة بمتابعة الأزمة التي ألقت بظلالها على جوانب الحياة المعيشية فرأينا من خلال نشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي تدافع الناس (خارج السعودية) على المتاجر التموينية التي خلت (أو تكاد) من البضائع بينما لم تسجل أسواقنا نقصًا في مواد المعيشة الأساسية مما يعكس كفاءة وفعالية برامج الخزن الاستراتيجي.
على مستوى الدول المحيطة، نجد النظام الإيراني وهو الذي يشكك دومًا في قدرة السعودية على إدارة (موسم الحج)، قد فشل بامتياز في إدارة جائحة (كورونا المتجدد) بداية من غياب الشفافية في الإفصاح عن وجود الإصابات مرورًا بالأرقام غير الحقيقية عن الإصابات ثم التأخير في تطبيق الإجراءات الاحترازية المعتمدة وانتهاء بضعف نظام الرعاية الصحية (مبان وأجهزة وكوادر) بسبب تبديد النظام لأموال الدولة في دعم الجماعات والأحزاب والفيالق الإرهابية في المنطقة.
وهنا لابد أن نتوقف ونتساءل، لماذا لا يكون التقاعس الإيراني مفتعلًا حتى تصل الأزمة إلى ما وصلت إليه؟ وما هي المكاسب التي قد يجنيها النظام؟
يعيش النظام الإيراني منذ فترة مرحلة عدم استقرار، وقد شهدت المدن الإيرانية سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات والتجمعات التي اختفت تدريجيًا منذ ظهور الفيروس خوفا من العدوى القاتلة، ويحاول النظام الآن الاستفادة من الأزمة لتوحيد الصف الإيراني وخلق وحدة عامة داخلية خاصة بعدما ألمح خامنئي أن بلاده تعرضت *لهجوم بيولوجي!
إن تفاقم الأزمة سوف يتيح للنظام فرصة إلقاء اللوم على أمريكا *لتخفيف العقوبات الدولية* لكسب التأييد الداخلي والدولي أيضا!
التأخر في احتواء الأزمة جعلها تمتد إلى داخل السجون الإيرانية وفيها سجناء إيرانيون يحملون جنسيات غربية، فكيف سيتعامل النظام مع القابعين في الزنزانات ونظامه الصحي قد سجل عجزًا في مواجهة معدلات الإصابة المتزايدة خارج السجون؟ وكما هو متوقع في مثل هذه الحالات، فقد طالبت الأمم المتحدة وأمريكا بالإفراج عن السجناء، وسوف يجدها النظام فرصة للتفاوض مع الدول التي لديها مواطنون محتجزون (المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة)؛ للحصول على مكاسب سياسية مقابل الإفراج عن السجناء بشكل دائم.
وبسبب الروابط القوية بين إيران ودول عربية مثل: (اليمن وسوريا والعراق ولبنان)، ولأن هذه الدول تفتقر إلى (قدرة الدولة) على احتواء المرض، من المؤكد أن ينتشر الفيروس على نطاق واسع بينهم (وقد) يتسبب في وفاة أعداد كبيرة بالآلاف وربما أكثر، فهناك ملايين دفعتهم الحروب للعيش في مخيمات اللاجئين الممتلئة والتي تفتقد لأساسيات الأمور الصحية، وربما يجد النظام الإيراني من بين هؤلاء اللاجئين من يستخدمهم لنشر الفيروس خلال موسم الحج 1441هـ حتى يثبت للعالم عدم قدرة السعودية على إنجاح الحج وحماية ملايين الحجيج.
إن نجاح السعودية المتتابع في مختلف الأصعدة ليس بمستغرب على (قيادة) نذرت قدراتها وإمكانياتها لتأمين كل ما يلزم لخدمة الحرمين الشريفين وزوارهما ومواطني هذا البلد ومن قدموا إليه (عملا أو زيارة)، ووجهت كبار رجالات الدولة لتدريب الكفاءات السعودية في كافة أجهزة الدولة ليكونوا على أهبة الاستعداد لإدارة والخلاصة
تسهيل ملايين الحجاج الذين يتحركون في وقت واحد وفي مكان محدود وخلال فترة زمنية محدودة.وسوف يثبت أبناء هذا الوطن أن السعودية قادرة بحول الله على إنجاح الحج واستضافة كافة المناسبات العالمية ومنها الاجتماع الخامس عشر لمجموعة العشرين الرياض 2020 خلال الفترة (21-22 نوفمبر 2020 ) في مدينة الرياض إن شاء الله.
الخلاصة:
كما حذر الملك عبدالله (رحمه الله) من الإرهاب وطالب بتوحيد الجهود ضده وخطورته على العالم، هاهو الملك سلمان(حفظه الله) يحذر العالم من خطورة الفيروسات وتوابعها ويؤكد (يجب أن نأخذ على عاتقنا جميعًا مسؤولية تعزيز التعاون في تمويل أعمال البحث والتطوير سعيًا للتوصل إلى لقاح لفيروس كورونا، وضمان توفر الإمدادات والمعدات الطبية اللازمة) وأكد أنه (ينبغي علينا تقوية إطار الجاهزية العالمية لمكافحة الأمراض المعدية التي قد تتفشى مستقبلا).