شاهدت وغيري من الملايين، لقاء معالي رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد الأستاذ/ مازن الكهموس عبر شاشة “روتانا” مؤخرًا، ولا أخفيكم بأني خرجت بانطباع بأن ماقام به معالي الرئيس في فترة وجيزة من إصلاحات لمنظمة مكافحة الفساد سيؤتي ثماره أيضًا في فترة وجيزة؛ كونه بدأ بجدية بمعالجة أكبر التحديات التي كانت تواجه نزاهة في الفترة السابقة.
ورغم صعوبة علاج هذه التحديات، إلا أن اللقاء أوضح لنا بأن معاليه أبلى بلاء حسنًا في تذليل هذه الصعوبات مستمدًا تلك القوة من دعم قادتنا -حفظهم الله- الذين لم يألوا جهدًا في القضاء على تلك الآفة منذ تولي مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم، ودعم رؤية سمو سيدي ولي العهد التي دونت هذا الملف من ضمن أهدافها الاستراتيجية.
وبالعودة لعنوان المقال، هناك واقع يصعب إغفاله وهو بأن المرحلة ما بعد 15 ربيع الثاني 1441 هجري لن تكون كسابقها خصوصًا حينما تطرق معالي الوزير بكل شفافية ووضوح عن عدة أمور طال انتظارها، والتي في نظري رسمت خارطة الطريق بعد إصلاح منظومة مكافحة الفساد وأهمها مايلي أولًا: تتبع الأموال المهربة للخارج، واستعادتها والناتجة عن قضايا الفساد من خلال حديثه عن آلية جديدة قائمة على توقيع مذكرات تفاهم مع الدول تجيز للدولة ملاحقة المتهمين بعد صدور حكم قضائي حيالهم، ثانيًا: التشهير بالفاسدين، والذي أجزم بأنه سيكون رادعًا قويًا لكل من تسول له نفسه باستبداد المال العام، ثالثًا: استغناء الهيئة عن بعض موظفيها بعد عدم التزامهم بالإفصاح عن الملاءة المالية، وهنا رساله واضحة لمنسوبي الهيئة بأننا أمام مرحلة قادمة لا تحتمل المجاملة والتهاون مع أي قضايا فساد أو بلاغات قد تتلقاها فروع الهيئة، رابعًا: إقرار الرئيس بأن هناك مشكله قائمة حيال حماية المبلغين التي نص عليها الأمر السامي الصريح؛ وذلك من خلال تعليقه بعدم الرغبة بالحديث عن السابق، والانتقال إلى الحديث بشفافية عن صدور قرار جديد مؤخرًا يقضي بتشكيل لجنة لإعادة كافة المبلغين من ثبت صحة بلاغاتهم مع إعادة كافة حقوقهم التي فقدوها كونهم ينعمون بالقانون لحماية خادم الحرمين الشريفين.
خلاصة القول إذن، هذا الحديث الأكثر من الرائع لم يكن ليصدر لولا دعم القيادة -سلمها الله- وقوة شخصية وشفافية، ورغبة معالي الرئيس رجل التحريات والمباحث الإدارية في إحداث الفارق في هذا الملف، لذلك أقولها اليوم وبصوت عالٍ استمرار البعض في عنجهيتهم واعتقاداتهم السابقة بأن نزاهة دورها ينتهي مع مخاطبة الجهات المعنية بإعادة المبلغين لعدم قدرتهم على إلزام القطاعات بتنفيذ توجيهاتها في السابق لم يعد قائمًا، وعليهم اليوم أن يعملوا بجد على إثبات النوايا الحسنة، والابتعاد عن الاستنقاص من دور الدولة في محاربة الفساد، وذلك من خلال إعادتهم للمبلغين من صدر لهم خطابات عودة سابقًا وأيضًا توقفهم عن الاستمرار في الإجراءات التعسفية حيال المبلغين الحاليين، وأيضًا الابتعاد عن إصدار الرسائل المبطنة للموظفين لحدهم من البلاغات لنزاهة بشكل مباشر، وأيضًا إتاحة الفرص لأبناء تلك القطاعات التي يترأسونها بدلًا من استقطاب الشلة من خارج القطاع برواتب فلكية خارج سلالم الرواتب بحجة عبقريتهم وقدرتهم الخارقة، والتي تسببت للأسف في صناعة التفاوت بين دخول منسوبيها بشكل محبط، وأرهقت مصروفات تلك القطاعات بشكل أضر بحقوق أصحاب المصلحة.