المقالات

تأثير جائحة كورونا والعزل المنزلي على العلاقة بين الأسرة

بعد أن أصبح وباء كورونا جائحة تسيطر على العالم، وتوجه البشر للبقاء بمنازلهم ضمن الحجر المنزلي وما بين قلق الوالدين والأطفال واختلاف الحياة وتغير الأنظمة اليومية لهم ومحدودية الأنشطة الموجودة، أصبحت العائلة تمر بتغيرات داخلية جعلت من الوالدين هم المسؤول الأول والوحيد عن إدارة المنزل وحياة أطفالهم، كما أن توقف الكثير من الأنشطة يضع ضغطًا هائلًا على الأسرة وعلاقتهم. كما أنه قد لا يكون من السهل محاولة الوالدين ومحاولة أسرهم للتكيف مع ما يحدث من تغيرات وتطورات تحدث بحياتهم اليومية؛ لذلك فإنه من الطبيعي وجود تأثيرات على التفاعلات والعلاقة ما بين الوالدين وأبنائهم.

     لم تقتصر أضرار جائحة كورونا على الأثر الجسدي بل امتدت للأثر النفسي الذي تأثر به جميع الأفراد، وفي هذه الفترة يمكن أن تصبح الأُسر في حيرة عن توقعاتهم للحياة الجديدة التي تكون مشتركة مع بعضهم البعض. كما يمكن أن يعاني الوالدان بهذه الفترة من القلق والإحباط والحالة المزاجية المنخفضة التي يمكن أن تتفاقم من عمليات التفكير والاستعدادات التي يحضّر لها الوالدان والمسؤوليات المختلفة الموجودة على عاتقهم كإدارة المنزل، والعمل عن بُعد، ومتابعة تقدم أبنائهم التعليمي وغيرها، وبحسب أستاذة علم النفس وعلم الأبوة والأمومة ليا ووترز أن العزلة الذاتية يمكن أن تؤثر على ثلاثة مكونات بالغة الأهمية للصحة العقلية تتمثل في: الإحساس بالاستقلالية لكل من بالمنزل، الارتباط (شعور بالارتباط بالآخرين داخل المنزل)، الكفاءة (الشعور بالفعالية) مما يجعلها بدورها مؤثرًا على العلاقات داخل المنزل ما بين الوالدين والأبناء، فمعرفة تأثُر هذه المكونات بداية يمكن أن يساعد الوالدين في وضع الخطوط الأساسية لإبعاد كل ما من شأنه أن يخل بها. وحيث إن الوالدين يعتبران هم المحرك الرئيسي للعلاقات داخل المنزل فإن مزاجهما ومشاعرهما تكون مؤثرًا على أطفالهم وترى الكاتبة سيلينا ريبرو أنه من المهم أن يعرف الوالدان بهذه الفترة أن مزاجهما وموقفهما مؤثر كبير داخل المنزل كما أن أبناءهم يستمدون مشاعر الأمان من الوالدين والمحيطين بهم، لذلك يجب على الوالدين التوقف عن اللوم والمشاعر السلبية والتخفيف على أبنائهم. ومن جهة أخرى ذكرت أستاذة دراسة الأُسر الشرعية لينيك أليك أنه يمكن أن يعبّر الأبناء في الوضع الجديد وفي ظل هذه الظروف بسلوك متمرد أو سلبي تجاه الأبوين في المنزل، والذي يجعل الأبوين في حيرة وإجهاد وهو الذي قد بدوره يكون سببًا في مشاكل الأُبوّة والأمومة عند التعامل مع الأبناء؛ حيث إن أبناء هذه العائلات تميل لإظهار السلوك الصعب.

ويقول “مصطفى الحاج إنه عند تأقلم العقل البشري مع الوضع الحالي داخل المنزل، يصبح الوضع الراهن هو “المألوف الجديد”، ومصدر الأمان. وعندها تستطيع الأسرة أن تعيد ترتيب أولوياتها والاستمتاع بهذه الفترة.

ويمكن للوالدين أن يعتبروا هذا الوقت مناسبًا ورائعًا للأسرة لتقوية العلاقات الأسرية والتعامل مع المشكلات برويّة؛ حيث ترى الرابطة الوطنية الأمريكية لعلماء علم النفس المدرسي (NASP) أنه يمكن للوالدين في هذا الوقت إتاحة المجال لأبنائهم للتحدث أو كتابة أو رسم  مخاوفهم، وأفكارهم، ومشاعرهم  والتعاطف معها ثم تبديدها حيث إن تبديد قلق الأبناء يمكّنهم من التحكم في بعض جوانب حياتهم، ويمكن للوالدين التشارك مع الأبناء حول كيفية تنظيم يوم الأسرة، والتخطيط للأعمال داخل المنزل والمشاريع من خلال وضع قوائم للعمل معًا وشروط تحفيزية، ووضع أوقات للاجتماعات العائلية للاستماع إلى احتياجات الأسرة. كما أنه عند تعزيز الأنشطة الأُسرية داخل المنزل تصبح الأسرة ملاذًا للدعم والتماسك يقلّ بها القلق والضغوط وتقوى العلاقات بينهم؛ حيث ذكرت الدكتورة دارا وينلي بأن الأطفال في الأُسر ذات التماسك العالي من المرجح أن يُظهروا أعراض قلق منخفضة مقارنة بالأطفال في الأسر ذات التماسك المنخفض..

ومع اتجاه العائلات للتشارك داخل المنزل بكثير من الأنشطة قد يعاني بعض الأفراد فيه ممن اعتادوا على القيام بأنشطتهم الخاصة من هذا التحول المفاجئ والكبير بنظام الأسرة، ويكون واضحًا ربما بالعلاقات بين الأفراد كالشجارات وغيرها،فقد رأت أستاذة علم النفس وعلم الأبوة والأمومة ليا ووترز أنه لا يجب أن يغفل الأبوان عن توفير المساحات الخاصة لكل فرد بالمنزل واحترامها داخل المنزل؛ حيث يمكن أن يساعد في خلق التواصل بين أفراد العائلة.

نحن لا نعرف كيف سيتغير العالم بعد المرور بهذه التجربة،ومن المؤكد أننا حاليًا نعيش بتجربة لم نعايشها من قبل، لكن ستساعد الأسرة على اكتساب خبرات جديدة وطرق للتعامل مع الحياة بطرق مختلفة، حفظ الله الجميع وابقوا في منازلكم آمنين.

Related Articles

One Comment

  1. ماشاء الله تبارك الله مبدعه الله يوفقك والي الامام دائما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button