المقالات

” كوفيد 19 “هل هو رصاصة الرحمة ؟!

العالم مرعوب من كوفيد 19 وتحت وطأة انتشار المرض يتعمق الانقسام و الاستقطاب بين ثنائيات التهويل والتهوين ؟ وهل الفيروس مؤامرة أم لا ؟ ولم يسمح الانتشار السريع للفيروس برفاهية الاختيار بين التباعد الاجتماعي أو مناعة القطيع ! واليوم نحن أمام الخيار الصعب : هل إنقاذ أرواح الملايين أولى أم الاقتصاد … إنها الرأسمالية المتوحشة؟!.

لقد كانت منظمة الصحة العالمية (WHO)جزءا من هذا الارتباك ولا تزال بمواقفها الغير مفهومة بدءا من ترددها في إعلان كوفيد 19 جائحة عالمية والذي استمر منذ بدء إعلان الصين عن الفيروس مع نهاية ديسمبر 2019م وحتى تاريخ الحادي عشر من مارس 2020 بعد أن انتشر في كل قارات العالم، باستثناء أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية) و بلغ عدد الحالات المصابة به حول العالم 113 ألف و752 وسجلت جميع الدول التي أعلنت عن إصابات 4 آلاف و18 حالة وفاة .

فلماذا لم تدع منظمة الصحه العالميه حتى الآن لاجتماع طارئ لوزراء الصحة حول العالم لتبني استراتيجيه موحده لكيفية التعامل مع الجائحة ؟ لماذا لا يوجد حتى الآن بروتوكول موحد تلتزم به كل الدول ؟ ألم تستفد المنظمة الدولية من تجاربها السابقة مع أوبئة كالملاريا والإيبولا ؟

هل الصحة العالمية لديها سلطة ؟!
كان يفترض أن تكون منظمة الصحة العالمية هي السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة فيما يخص المجال الصحي و مسؤولة عن تأدية دور قيادي في معالجة المسائل الصحية العالمية ولكن اليوم نراها عاجزة واقتصر دورها على حصر أعداد الإصابات والوفيات !

تُعتبر اللوائح الصحية الدولية صك قانوني دولي ملزم لـ 196 بلداً في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك جميع الدول الأعضاء في المنظمة. وتستهدف مساعدة المجتمع الدولي على تفادي ومواجهة المخاطر الجسيمة على الصحة العمومية التي يُحتمَل أن تعبر الحدود وتهدّد الناس في جميع أنحاء العالم وتقضي اللوائح الصحية الدولية، التي دخلت حيّز التنفيذ في 15 حزيران/يونيه 2007، بأن تقوم البلدان بإبلاغ منظمة الصحة العالمية عن بعض فاشيات الأمراض وأحداث الصحة العمومية. وتحدد اللوائح حقوق البلدان والتزاماتها فيما يتعلق بالإبلاغ عن أحداث الصحة العمومية، وتضع عدداً من الإجراءات الواجب على المنظمة اتّباعها في عملها على دعم أمن الصحة العمومية على مستوى العالم.

موقف الأمم المتحدة أكثر تخاذلاً
من المؤكد أنه حتى المنظمات الدولية تتأثر إلى حد بعيد بشخصية المسؤول الأول فكان مستغربا تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء (31 مارس/ آذار 2020) حيث أكد أن العالم لايزال متأخرا في معركته المنسقة ضد فيروس كورونا المستجد وأوضح في مؤتمر صحفي افتراضي: أن جميع الدول بحاجة إلى اتباع توجيهات منظمة الصحة العالمية للقضاء على الفيروس، مشيرا إلى أن هناك “نزعة لكل دولة للتصرف بشكل منفصل” !

السؤال : ماذا فعلت الأمم المتحدة مقارنة بموقفها مثلا حينما ظهرت فاشية الإيبولا غرب إفريقيا (كانون الأول/ ديسمبر 2013 ) و الذي اعتبر وقتها الأكبر في التاريخ ؟ سارعت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وقتها وأصدرا قرارين يقضيان بإنشاء بعثة الأمم المتحدة للاستجابة الطارئة للإيبولا (UNMEER) لاحتواء فاشية الإيبولا وكان عدد المصابين وقت صدور هذا القرار حوالي 5500 شخص وعدد الوفيات تقريبا 2500 شخص ؟!

عالم بلا ضمير ؟!
لكن ماذا قدمت الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية للإنسانية ؟
لقد تنامى عدد المهاجرين الدوليين على الصعيد العالمي إلى 258 مليون شخص و عدد المشردين قسراً 68.5 مليون شخص وعدد اللاجئين المسجلين 25.4 مليون لاجئ فضلا عن عشرة ملايين شخص من الأشخاص عديمي الجنسية الذين لا يتمتعون بجنسية أوبالحقوق الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل وحرية التنقل.
و تشير التقارير الدولية إلى أن عدد الجياع في العالم يبلغ المليار وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية واليونيسف فإن 2.4 مليار شخص، في العالم يفتقرون لمرافق الصرف الصحي – منهم 946 مليون شخص يتغوطون في العراء ! وأفاد تقرير آخر لمنظمة الصحة العالمية ومجموعة البنك الدولي إلى أن 400 مليون فرد لا يحصلون على الخدمات الصحية الأساسية في العالم ؟! ويؤكد تقرير ثالث لمنظمة الصحة العالمية واليونيسف أن حوالي 3 أشخاص من كل 10 أشخاص في العالم أي 2.1 مليار شخص لا يحصلون على المياه المأمونة والمتاحة بسرعة في المنزل ويفتقر 6 أشخاص من كل 10 أشخاص أي 4.5 مليارات شخص إلى الإدارة المأمونة لخدمات الإصحاح ؟!
لا أدري حينما ينشر هذا المقال كم ستصل حصيلة الوفيات والإصابات بفيروس كورونا حول العالم ؟! ولكن المؤكد أن النظام العالمي الذي أسس على الاستغلال والظلم ينهار و يتداعى وينكشف وجهه القبيح !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى