أثَّر وباء كورونا (COVID-19) في إجبار البيئة التعليمية التقليدية للتحول إلى التعليم عن بعد، فتحول التعليم من الأسلوب التقليدي في التواجد الفعلي للطالب في الفصول الدراسية المكانية إلي التواجد في الفصول الافتراضية، فأتى هذا التحول موازياً لما نادت به حكومتنا الرشيدة بضرورة التحول الرقمي ضمن برامج تحقيق رؤية2030 م. ولله الحمد والمنه، بمجهود جبار ويُشهد له استطعنا الإبقاء على الدراسة من خلال التدريس عن بعد ولكننا لم نحقق الإنجاز المنشود نحو تحقيق الرؤية ونحو تحقيق التميز في قطاع التعليم وبالأخص في مدارس التعليم العام. فلا التواجد موجود ولا التفاعل مشهود لكنه فقط استمرار في التعليم وهو أدنى المطلوب. المتواجَد الآن هو منظومة التعليم الموحدة كبيئة تواصل ما بين المعلم والطلاب. ومنظومة التعليم الموحدة ماهي إلا استكمال وتطوير لنظام نور تحت مظلة بوابة المستقبل بإشراف وزارة التعليم. يعتبر نظام نور هو بداية التحول الرقمي منذ أكثر من عشر سنوات ويضم بيانات المستخدمين والمدارس. واقتصر أقصى إنجاز له حسب تقرير اللجنة الوطنية للتحول الرقمي لعام 2019م في حفظ أكثر من 36 مليون شهادة. أما بوابة المستقبل فهي البوابة الرقمية المخصصة لتفاعل المعلم والمتعلمين وتم استخدامها في بعض المدارس الخاصة و الحكومية ومن الممكن إثراءها بالدروس التفاعلية المباشرة. وقد بدأت أولى مراحلها في عام 2017م. و من المفرح أنه تم الاستفادة من قاعدة البيانات الموجودة في نظام نور مما سارع في القدرة على التحول للتعليم عن بعد. من خلال نظام نور تم تسجيل درجات الطلاب وطباعة الشهادات فلما وجب التعليم عن بعد، تم الاستفادة من بيانات النظام لإنشاء المنظومة التعليمية الموحدة ليزداد تفاعل الطلاب و المعلمين في العملية التعليمية حيث يسرت على الطلاب ارسال واجباتهم الكترونياً والاطلاع على بيانات المواد الخاصة بهم، كما يسرت على المعلمين بأن أكثر محتوياتها تُملأ بالاختيار والإدراج كما تمكن كل معلم من رؤية واختيار أسماء المواد التي يقدمها و بيانات طلابه كأسمائهم وأرقام هوياتهم وتمكنه من وضع الواجبات والدرجات. لكن رغم ذلك الإنجاز الجبار المشهود له في استخدام بوابة المستقبل في التحول الرقمي التقليدي إلى التحول الرقمي للتعليم عن بعد في المدارس الخاصة، إلا أن منظومة التعليم الموحدة المأخوذ بها في المدارس الحكومية تعاني من قصور في أنها غير تفاعلية التفاعل المباشر ولا تضم بيئة افتراضية، و يكثر التعليق فيها وبطيئة في التنفيذ وليس جميع أيقوناتها مفعلة وقد يكون بسبب تحكم نفس الإدارة المدرسية أو بسبب ضعف الاتصال بالشبكة أو قلة سعة السيرفر المخصصة للتعليم العام. ومن هنا فأنا أضع بعض المقترحات التي قد تساهم في تعزيز جودة وفعالية التحول الرقمي في جانب التعليم عن بعد.
من الحلول المقترحة بدءآً من الموجود إلى المأمول
1. استخدام وسائل التواصل كاليوتيوب والقنوات المرئية كعين بحيث يتم الاستعانة بمادة علمية لمُعَّلمِّ تطوع بتقديم محتواه على اليوتيوب وهو يُكمِل ما بدأت به منصة المنظومة التعليمية الموحدة. من عيوبها أنها لا توفر فيديوهات لجميع المواد كما أنها لا تمكن المعلم من إثراء المحتوى الخاص به رغم وجود أيقونة خاصة بذلك. أما أهم ما فيها من قصور فهو أنها بيئة غير تفاعلية بحيث دور الطالب هو فقط المشاهدة بتحميل المادة العلمية دون تواجد المعلم، كذلك لا يستطيع المعلم التأكد من مشاهدة الطالب للمادة أو التأكد من تواجده ولا يستطيع استقبال الأسئلة المباشرة وبالتالي لا يتيح له تقديم الشرح الوافي و الإجابات على استفسارات الطالب. من إيجابيات هذا المقترح هو إمكانية رؤية المادة العلمية في أي وقت وهو ما يفيد الطالب الذي لا تتوفر لدية الشبكة العنكبوتية في كل وقت بجودة عالية. كما أنه ييسر للمعلم عدم تحضيره للمادة.
2. استخدام البرامج الافتراضية المتاحة بحيث يتم استكمال الحل الأسبق بإيجاد جدول معتمد لحضور الطلاب وقد يكون نفس التوقيت الفعلي للمادة قبل التحول للتعليم عن بعد. هنا يتم تسجيل مشاهداتهم للفيديو المقدم على أن يتم الحضور الافتراضي للطالب والمعلم في نفس التوقيت وهذه تحتاج إلي تواجد بيئة افتراضية باستخدام برامج التعليم عن بعد الافتراضية كمايكروسوفت تيم و زوم وجوجل وغيرها. من إيجابيات هذا المقترح أن هذه البرامج تتيح للمعلم مشاهدة جميع طلابه ويشاهدونه ويتفاعلوا معه بتقديم مشاركاتهم مباشرةً وتزامنياً في ساعات الحضور المحددة. كما أنه يستطيع أن يقدم محتواه الخاص به مباشرة وتقديم فيديو خاص به بدلاً من الاستعانة بالفيديو لمعلم آخر أو استخدام تقنيات الوايت بورد والسكرين ريكورد – تسجيل الشاشة الخاصة بالمعلم-. من سلبيات هذا الحل أنه يقيد المنشآت المستخدمة بالدفع للشركات المنتجة في حال إعادة الرسوم الخاصة للاشتراك فيها وهو المتوقع مستقبلاً. كذلك من سلبياته تفاوت قدرات المعلمين والمعلمات في استخدام التقنية فليس الكل قادر على التفاعل المباشر. يحتاجوا إلي تدريب وتأهيل. كما أن ليس جميع الطلبة قادرون على استخدام التقنية وقد لا تتوفر أجهزة الحاسوب لديهم و اشتراكات الإنترنت.
3. الإنتاج المحلي الذاتي للبيئة الافتراضية بإنشاء تطبيق برنامج (Software) ذاتي يتيح التعليم الافتراضي تتبناه وزارة التعليم بالتعاون مع شركات تطوير التقنيات المحلية كشركة تطوير تقنيات التعليم تيتكو TETCO، وهي إحدى شركات تطوير التعليم القابضة والمملوكة لصندوق الاستثمارات العامة وهي التي قدمت التقنيات المستخدمة حالياً في الوزارة. ومن المهم أن يتم إنشاء البرنامج بشروط واحتياجات تحددها وزارة التعليم بالتعاون مع الإدارات التعليمية في كل مدرسة لاستخراج الاحتياجات المدرسية الكاملة عن طريق عمل دراسات واستبيانات مع إدارات المدارس بنوعيها الخاصة والحكومية. على أن يمتلك البرنامج خصائص تميزه عن برامج التعليم عن بعد المتواجدة للشركات الأجنبية. وقد يكون مكملاً للبلاك بورد – أحد تطبيقات شركة جوجل المكتبية- الذي يستخدم في كثير من الجامعات، على أن يتم إنشاء البرنامج ال ( Software ) بشكل أدق بما يتناسب مع احتياجات المدارس ومن ثم يُعمم على جميع المدارس بنوعيها الخاصة والحكومية.
وهذا المقترح هو ما أؤيده لإيجابياته العالية التي منها أنه يتيح القدرة على مراقبة المحتوى المقدم في كل مدرسة وكذلك تتم الاستفادة منه مادياً والاستثمار بتقديمه للمدارس الخاصة على أن يتاح لهم إمكانيات الإضافة والتعديل بما يميزهم. ومن أهم إيجابياته أنه يكمل ويتناسب مع منظومة التعليم الموحدة ويطورها. كذلك قد يُطوَّر ليُقدم للجامعات بنوعيها الخاصة والحكومية بتوفير البيئة التفاعلية المباشرة والخصائص الغير متاحة في البلاك بورد. وهذه هي بعض المقترحات الهامة لتفعيل بيئة التعليم عن بعد التفاعلية في المدارس. في مقالي القادم بإذن الله سأتحدث عن المكونات الهامة لنجاح عملية التعليم عن بعد في قطاع التعليم.
اقتراحات ممتازه جداً .. شكراً دكتوره لقلمك المبدع دائما
السلام عليكم
بلا شك دكتورة اقتراحاتك جميلة جدًا وبنائه فعلا ولكن لابد من وجود خبرات مثلكم في وزارة التعليم متخصصين في البرمجيات كي يتمكنوا من الاشراف علي جودة المخرجات وتوحيد برنامج واحد فقط للمعلمين والمعلمات والطلبه واولياء الامور وإلا سوف نهدر اموال ومجهودات تذهب هباء والاهم ان يكون البرنامج قابل للتطوير والاضافات ونشكر لكي مجهوداتك واختياراتك الرائعه.
تحياتي
فواز الشريف
السلام عليكم
مقال جميل ،واقتراحات ممتازه نأمل تحقيقها بتظافر جهود جميع المختصين وأولهم المدرسين والطلاب.
Useful info and great way of writing, Dr. Rania!