د. جرمان الشهري

أين دور القطاع الصحي الخاص في جائحة كورونا؟

انهارت وانهزمت وعجزت دول الغرب المتقدمة في مواجهة فايروس كورونا، والسبب المباشر هو التهاون وعدم قدرة الأنظمة الصحية لديهم على المواجهة بالشكل الصحيح؛ وذلك بسبب الخصخصة الطبية من خلال الشركات الصحية التي يوكل لها علاج المجتمعات بعيدًا عن مسؤوليات الدول رسميًا..
ونحن ولله الحمد في المملكة العربية السعودية ضربنا أروع الأمثلة في وقت الشدة، وأصبح الإعلام العالمي قبل الداخلي، يتحدث عن تميز السعودية في تجربتها الفاعلة في التعامل مع فايروس كورونا، وهذا التميز لم يأتِ من فراغ، وإنما من مسؤولية الدولة -أعزها الله- المباشرة في حماية المجتمع بجهدها الرسمي بعيدًا عن الخصخصة الطبية، فوزارة الصحة والقطاعات العسكرية الصحية هي التي اصطفت في الخط الأول لمواجهة الفايروس، بذلت الدولة الغالي والنفيس ووفرت سبل الوقاية والتصدي لهذا الفايروس بكل اقتدار، اتخذت الإجراءات الاحترازية والوقائية الاستباقية، فتحقق لنا النجاح المطلوب والمبهر للداخل والخارج ..
وبالرغم من ذلك ومن خلال هذا المنبر الإعلامي بصحيفة “مكة” الإلكترونية، فإنني أستغرب كغيري من المواطنين، أين دور القطاع الصحي الخاص ؟! أين مسؤوليتهم في دعم الوطن ومساندته في وقت الشدائد ؟! لم ألحظ أي منشأة صحية أعلنت عن مساهمتها للدولة في التصدي للفايروس، عدا واحد من أولئك الصحيين الخاصيين، بادر وليته لم يبادر، فمبادرته مضحكة وتدعو للسخرية، فهو كما قال: (مستعد بتسخير منشآته الصحية لمعالجة أطباء وزارة الصحة) هل هناك عجب أكثر من هذا العجب ؟! وزارة الصحة ليست في حاجته، فهي أقدر على معالجة منسوبيها وعلى معالجة المجتمع بأكمله، من مواطنين ومقيمين، وحتى مخالفي أنظمة الإقامة ..
كنا نتمنى نحن المواطنين والمقيمين، أن القطاع الصحي الخاص يضع بصمته الإيجابية في التفرغ الكامل للوقوف مع وزارة الصحة جنبًا إلى جنب، ليس لقصورٍ فيما تقدمه وزارة الصحة، وإنما للمشاركة في خدمة الوطن مجانًا، ورد بعض القليل مما دفعته الدولة للقطاع الصحي الخاص على مر العقود الماضية، ولكن للأسف لم يحدث شيء من هذا، فخلال العقود الماضية، وبينما كنا ننعم بالرخاء ومازلنا ولله الحمد، كان القطاع الصحي الخاص متواجدًا بقوة يقتات على مساعدات وتسهيلات الدولة، وعلى جيوب أفراد المجتمع، من خلال الأسعار الضخمة للفحوصات والتحاليل والأشعات والعمليات والإقامة الفندقية لاستكمال المعالجة والمبالغة فيها، كي تكون الحصيلة المالية أكثر، وعندما اجتاحت كورونا بلادنا مثل أي بلد في العالم، اختفى الضجيج وتوارت البهرجة التي كنا نشاهدها من خلال الدعاية والبروبغندا المتواصلة للمنشآت الصحية الخاصة !!
ألا يستحون من أنفسهم ؟! أم إن المال طغى واستفحل حتى أعماهم وأعمى بصيرتهم عن الواجب الوطني وقت الشدة، لا نقول ذلك استجداءً للقطاع الخاص، فدولتنا وقطاعاتها الصحية العامة، في غنى عن القطاع الصحي الخاص، ولكنه من باب التذكير، فلعل ذلك القطاع يصحو من سباته فما زال هناك فرصة للمساهمة في خدمة الوطن ورد لجزء من الجميل ..
حفظ الله السعودية من كل مكروه، وحفظ لها قيادتها وشعبها.

Related Articles

5 Comments

  1. تعجبني المقالات التي تأتي في وقتها . وموضوعك هذا يا أبا وليد جاء في وقته ليبين للناس ما وصلت له دولتنا من رقي في التعامل مع وباء أجتاح الكرة اﻷرضية بما فيها من الدول الكبرى والمتقدمة في المجالات الحياتية كاملة . وتبين لنا ما وصلت إليه المملكة العربية السعودية في التفوق الصحي الذي فاق ما تعاملت به دول العالم لشعوبها ضد هذا الوباء القاتل . وهذا إن شاء الله عند إنتهاء هذا الوباء سيغير ترتيب الدول ومملكتنا تكون من الدول التي يشار لها بالبنان ..
    أما ما تفضلت به يا أبا وليد من ناحية التجار ورجال الأعمال فقد بانت سلبياتهم قبل هذا الوباء في أمور كثيرة ومنها عدم مبادراتهم في مساعدة الدولة من حرب الخليج إلى حرب اليمن وغيرها كثير . وأخيرا ما خرج به ذلك الرجل الذي كانت مبادرته مضحكة وسيئة وليته سكت . لكن دولتنا أيدها الله ونصرها وحفظها من كل شر غنية عن مبادرته المخجلة . وشكرا لك يا أبا وليد على ورود مقالك في وقته . وياليت رجال الأعمال والتجار يسدوا ثغرة زميلهم بالمبادرات التي ترضي المواطنين أما الدولة فهي غنية عنهم ..

  2. شكراً أخي بن دعكان على هذه المداخلة القيمة التي أثرت المقال بهذه العبارات الضافية ..
    ولعل مابعد جائحة كورونا أفضل مما قبلها بجهود المخلصين من رجالات الوطن الأوفياء .

  3. البعض تتمنى لو انه لم يعلن عن مساهمته والبعض الاخر نفخر بمساهمتة
    هناك اصحاب عمائر وشقق وفنادق كان لهم بصمة في التعاون مع اجهزة الدولة ذات الاختصاص ولا ننسى ابن حائل الذي قدم مستشفى بكامل اجهزتة لوزارة الصحة
    الشدائد تظهر المعادن
    ولعل هناك من يأخذ من مقالك سببا للاقدام على فعل الخير من التجار
    فبعض التجار هم الفقراء حقاً

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button