” لايؤمن بالعلم سوى صفوة الدول والقادات التي تؤمن بأن في المعرفة قوة، وأن في المعرفة ثباتًا، والتي تؤمن وتعتقد دائمًا أن التاريخ يخلد في سجلاته العظماء بأفكارهم ورؤاهم شريطة أن تترجمها أفعالهم؛ لتخرج من حيز التنظير إلى الواقع الملموس والمخلد وإن مضى الزمن وإن انقضى”.
هنا تقف وزارة التعليم لتترجم هذه المقولة بأفعالها وليس بأقوالها، ولعل ذلك يتضح في العناية والاهتمام بشؤون المبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم والصرف عليهم وتلمس احتياجاتهم على كافة الأصعدة، ولعلنا في هذه الظروف التي نمر بها في ظل هذه الجائحة العالمية جائحة كورونا (كوفيد-١٩) نسلط الضوء قليلًا على ما قامت به وزارة التعليم من جهود كبيرة في سبيل تذليل، وتسهيل الصعوبات والعقبات التي تواجه المبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم في ظل هذه الأزمة، ولعل ذلك يتمثّل في مجموعة من القرارات الاستثنائية التي أصدرتها وزارة التعليم مؤخرًا لدعم المبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم لتؤكد لهم أن الوزارة ماضية قدمًا في دعم من يعوّل عليهم كثيرًا في القادم من الأيام “قادة المستقبل” حتى في أصعب الظروف ولتؤكد لهم أيضًا ان لاشيء أقوى من تسليح الإنسان بالعلم والمعرفة، وأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في تعليم الإنسان، وفي ذلك رسالة واضحة من وزارة التعليم موجهة إلى جميع المبتعثين والمبتعثات في أنحاء العالم مفادها “أن هذه الظروف القاسية لن تقف عائقًا أمام تحقيق أهداف الابتعاث ولن تقف أيضًا أمام مواصلة الاستثمار التعليمي في أبناء وبنات هذا الوطن، والذي سوف تسهم نتائجه بشكل كبير في تنمية هذا الوطن”.
ولكوني أحد مبتعثي وزارة التعليم والذين لايزالون يخوضون تجربة الابتعاث بجميع تفاصيلها، فيتوجب عليّ أن استعرض بعضًا من هذه القرارات الاستثنائية التي لم تقف في حدودها لتتلمس احتياجات المبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم ولا حتى المرافقين والمرافقات فحسب، بل وصلت إلى أبعد من ذلك لتتلمس أيضًا احتياجات المتخرجين والمتخرجات ومن أنهوا ابتعاثهم ومازالوا في بلد الابتعاث.
لا أحد يدرك معنى هذه العبارة (إيقاف الصرف) ومايقف خلفها من معانٍ قاسية إلا من مر بتجربة الابتعاث، وليس هناك أصعب وأقسى على المبتعثين والمبتعثات من سماع هذه العبارة واقترانها بالغربة عن الوطن والبعد عن الأهل خصوصًا في ظل هذه الأزمة، والتي قد تكون سببًا لهم في الإحساس بعدم الأمان النفسي والصحي والغذائي والأمني في ظل هذه الجائحة التي اجتاحت هذا العالم مما يؤثر هذا الإحساس بشكل سلبي على التحصيل الدراسي والأكاديمي للمبتعثين والمبتعثات.
لذلك قامت وزارة التعليم بإدراك هذه الأحاسيس، وتلمس الاحتياجات المالية والصحية والنفسية والدراسية التي يمر بها ابنائها وبناتها المبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم منذ بداية الأزمة، لتقوم بتوجيه جميع الملحقيات الثقافية التابعة لها في جميع دول العالم بتسهيل جميع مايخص المبتعثين والمبتعثات وعدم إيقاف الصرف عليهم وعلى مرافقيهم أيًا كان السبب في ظل هذه الظروف الطارئة، بالإضافة الى استمرار المخصصات المالية والتأمين الطبي وبدل العلاج لمن انتهت بعثتهم ولمن تخرجوا ومازالوا في بلد الابتعاث، كما تم التوجيه بإعادة الصرف لكل من تم إيقاف الصرف عنه بالإضافة أيضًا إلى صرف مخصص مالي لكل من غادر سكنه في ظل هذه الظروف. كما تم التوجيه أيضًا بالسماح بتأجيل البعثة في حال رغبة المبتعثين والمبتعثات في ذلك في ظل هذه الظروف، بالإضافة إلى السماح للمبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم بالدراسة عن بعد حتى في حال مغادرة بلد الابتعاث في ظل هذه الظروف الطارئة وإلغاء شرط ساعات التعليم عن بُعد في برامج الابتعاث للفصل الدراسي الحالي والفصل الصيفي أيضًا، وهناك الكثير أيضًا من القرارات التي صدرت في ظل هذه الأزمة والتي جعلت مصلحة المبتعثين والمبتعثات في جميع أنحاء العالم فوق كل الاعتبارات والأنظمة، ولكن لايتسع هذا المقال لذكرها.
هذه القرارات الاستثنائية بلاشك أنها تعني لنا كمبتعثين ومبتعثات الشيء الكثير؛ وبذلك يزداد علينا حجم المسؤولية التي على عاتقنا جميعًا بالوفاء لهذا الوطن الذي رغم كل هذه الظروف التي اجتاحت هذا العالم في ظل هذه الأزمة، لم ينسانا وخصنا بهذه القرارات التاريخية والتي تصب في مصلحة جميع المبتعثين والمبتعثات بالدرجة الأولى.
لذلك زملائي المبتعثين والمبتعثات، تذكروا أن قيمة التجربة فيما نصنعه منها وأن لاشيء يعلو فوق قيمة العلم والمعرفة، وأن حصولنا على فرصة الابتعاث يستلزم منا الوفاء بمسؤوليتنا تجاه مجتمعنا واتجاه بلادنا ووطننا، وتذكروا أن الوطن الذي منحنا بالأمس فرصة العلم والمعرفة ينتظر غدًا حصاد عطاءنا.
زملائي المبتعثين والمبتعثات، بلساننا المبين وهويتنا الخالدة، ورسالتنا الإنسانية وانتمائنا الوطني وشخصياتنا الواثقة الخلاقة وعطاءات عقولنا الناضجة يعترف التاريخ ويقف ليدوّن “قصة حلم أشرقت عليه شمساً لن تغيب، قصتنا وقصة وطننا وقصة ابتعثنا والتاريخ لاينسى”.
جهود تنشر لتشكر وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.