لعل أزمة فايروس كورونا التي اجتاحت العالم بأسره، كُنا بحاجة إليها، أو بالأصح جاءت إلينا دون سابق إنذار لتُخبرنا بحقائق لم نكن نجهلها، لكنها كانت بالنسبة لنا كأداة إدانة لأولئك الذين ملأوا الدنيا وأشغلوا الناس بالشعارات المزيفة، وللأسف صدقها الجهلة وبعض المغرر بهم، رغم أنها مكشوفة ولا يصدقها عاقل أو فطن.
هاهي تركيا في عهد رئيس حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان تصاب بأعراض فايروس كورونا، وتتكشف على حقيقتها بعد أن كانت تختفي وراء غطاء الشعارات المزيفة بأنها تدعم القضية الفلسطينية وحق شعبها في تقرير المصير، تنتفض في ظل جائحة الفايروس وتحكم سياستها لصناعة تحالفات ما بعد “كورونا” على اعتبار أن العالم سيبدأ بالتشكل من جديد بعد انقضاء هذا الوباء.
حيث ذهب نظام أردوغان إلى توثيق العلاقة مع الكيان الإسرائيلي من خلال تأكيد المؤكد، ورصد حزمة إجراءات تساند بكل قوة الكيان المغتصب للقدس والملطخ بدماء الفلسطينيين لدعمهم في مواجهة فايروس كورونا ليس على حساب الفلسطينيين فحسب، بل على حساب الأتراك أنفسهم، والذين يواجهون موجة متصاعدة من المصابين الذين لم يجدوا اهتمامًا من نظامهم بعلاجهم بعد أن قدم حزب أردوغان الحاكم مصلحة شفاء الإسرائيلي على علاج التركي لتعزيز العلاقة القديمة الجديدة مع نتنياهو وحزب الليكود.
وهنا أعتقد أنه آن الأوان للمغرر بهم ممن يرون أن أردوغان ونظامه حامي للحق الفلسطيني بأن يتيقنوا بأن تحالفات أردوغان السابقة واللاحقة مع الكيان الإسرائيلي باقية وتتمدد، ورغم الأضرار التي ألحقها فايروس كورونا بالبشرية، إلا أننا يجب أن ندرك أن لهذا الفيروس ملامح مضيئة من أهمها أنه كشف حقيقة وزيف الشعارات الأردوغانية في نُصرة الضفة والقدس ورام الله، وحبس ألسنة أتباعه في غزة، وأكدت “تركيا” أن الدعم الحقيقي من رئيسها لن يذهب إلا إلى اليهود أصدقائه في الماضي والحاضر والمستقبل.
وأعذروني إن قُلت أن هذا الفايروس جاء ليضع النقاط على الحروف ويكشف للعالم حقيقة أن السعودية وقادتها هم أصحاب المواقف الراسخة التي لا تتغير ولا تتبدل إذ إنها كانت كعادتها على الموعد، وحققت أقصى درجات السلامة لمواطنيها والمقيمين فيها حينما أطلقت حزمة من القرارات التي جنبت شعبها ويلات هذه الجائحة، ونفذت أقصى معايير الحفاظ على الصحة العامة لكل من يقيمون على أرضها، وحصدت النتائج المذهلة بشهادة منظمة الصحة العالمية ليس هذا فحسب، بل أعادت التأكيد من جديد على أن حلفاء الماضي هم حلفاء المستقبل، وأن دعمها للقضية الفلسطينية له ماض تليد ومستقبل مشرق؛ حيث جاءت أبرز مساهماتها العالمية لمواجهة هذه الجائحة إعلانها عن توقيع عقود لشراء معدات وأجهزة طبية لمساعدة الشعب الفلسطيني ضد فايروس كورونا لتبقى بصماتها خالدة في دعم ونصرة الشعب الفلسطيني.
فهل يستوعب العالم حقيقة الفرق بين من يدعم الفلسطينيين ومن يدعم المحتل.