المقالات

يا وطن انهض ومعك كل معلم فليعلم

ما إن حلّ علينا وباء كورونا (COVID-19) إلا وركض الكون كله نحو إيجاد الحلول التي تحول دون توقف العالم عن الحركة؛ وكأن الكرة الأرضية ما عادت تدور. دنا من دنا وعلا من علا فوجدنا هبوطًا في القطاعات الاقتصادية ونهوضًا في القطاع الصحي، واستمر التعليم يناهض في محاولات جادة ألا يفقد التعليم دوره في بناء الإنسان، وألا يتعطل الإنتاج، وألا تضيع أزمان بلا تزوُّد معرفي تعليمي للطلاب. ومن هنا انتقل القطاع التعليمي انتقالًا سريعًا نحو التعليم عن بعد. فكان لابد من تكامل خمسة عناصر مهمة للنهوض بمنظومة التعليم عن بُعد في القطاع التعليمي، وهي:
1- المعلم الذي يقدم المحتوى التعليمي.
2- المحتوى وآلية تقديمه.
3- البيئة الافتراضية المتوفرة لتواصل الطلاب والمتعلمين رغم البعد.
4- الطالب الذى يتلقى التعليم.
5- الاتصالات وتقنية المعلومات.
1. عنصر المعلم.
أهم عامل لتحقيق نجاح التعليم عن بعد هو عامل المعلم الذي يقدم المادة العلمية تقنيًا. ومن المعروف أن ليس جميع المعلمين مؤهلين للتعامل التقني، وقد يداخلهم الخوف من التغيير. عدم التأهيل التقني والاستعداد النفسي للتغيير هو أهم عامل أثر في عدم جودة عملية التعليم عن بعد في التعليم العام في المملكة العربية السعودية، التي تسعى بخطى قوية وثابتة نحو تحقيق رؤية2030م. فلما حلت أزمة كورونا (COVID-19) تفاجأ المعلمون بضرورة السرعة في تحقيق التعليم عن بعد. فانقسموا إلى أربعة أنواع:
2. المعلم المتطوع الذي تبرع في نفسه ووقته وجهده، وأوجد مادة مرئية تفاعلية استفادت منها أغلب المدارس والراغبين في التزود العلمي. يقوم هذا المعلم بتقديم مادة المرحلة الدراسية التي يقوم بتدريسها، ومن ثم يستفيد منها جميع المعلمين لنفس المستوى الدراسي. منهم من أوجد مادة علمية وأسلوب شرح أجود بكثير من المقدمة من نفس المعلمين لبعض المدارس وهذه إيجابية تُحسب لهؤلاء الناهضين.
3. المعلم المتفاعل والذي سارع بتسجيل مواده في المنصة التعليمية، ويقصد بتسجيل المواد فهو اختيار بيانات مادته المقدمة وإثراء المحتوى، وقد يجد معاناة في أن بعض مواده لم يتم إضافة محتوى لها. عليه أن يسرع بوضع المحتوى الخاص به، وعلى الإدارة التعليمية أن تسمح له بإضافة محتوى خاص به.
4. من يقدمون دورات مجانية أو بأسعار بسيطة للتدريب أونلاين على البرامج التقنية المساعدة. وغالبًا ما يتم تقديم الدورات على برنامج التليجرام لمشابهته بالواتس أب؛ مما يجعلها يسيره على المتلقي الذي لا يزال غير معتاد التعامل التقني.
5. المعلم المغيب وهو الذي لم يجتهد ولم يسارع ولم يجهد ليتطور في استخدام التقنية، لكنه نام واستيقظ، واتخذ وضعية المتفرج المنتظر في أن يحل موعد الاختبارات ولا أدري كيف سيقوم بتقييم طلابه. ولهذا المعلم لابد من البدء والنهوض حتى لا يعطل خطى الدولة القوية المتسارعة.
لهذا العنصر أقترح:
1- وضع آلية تقييم للمعلمين تضع في اعتبارها الإنجازات التعليمية التقنية الفعلية مع الأخذ في الاعتبار لإمكانيات وجودة إدارة كل مدرسة، فللإدارة التعليمية الدور الفعال في تمكين معلميها وزيادة قدراتهم وتطويرها من عدمه.
2- لابد من وضع نقاط تقييم تضم في بنودها بند القدرة على استخدام الحاسب الآلي على أن يكون مفصلًا ودقيقًا يضم من خلاله نقاط كالعطاء التقني وجودة تقديم المواد التعليمية عن بعد.
3- المراقبة ووضع معايير لجودة المحتوى الرقمي المقدم من كل معلم وآلية الشرح والأسلوب، ويتم من خلالها اختيار المعلم النموذجي الذي يستحق أن يُوحَّد محتواه لاستخدام جميع المستفيدين.
4- لابد من وضع الرقابة لإدارات المدارس والتأكد من جودة الإدارة المدرسية في كل مدرسة.
5- وضع برامج تدريبية دورية لتطوير المعلمين والإداريين.
ومن الممكن الاستعانة بالناهضين من النوع الأول والثاني من المعلمين.
2. المحتوى
لا يزال مقصورًا بمادة علمية مسجلة على فيديو يُعرض على قناة عين وعلى اليوتيوب ومن ثم على منصة منظومة التعليم الموحدة. يحتاج هذا العنصر إلى توفر البيئة التفاعلية الافتراضية التي يُقَّدَم فيها مباشرةً كما ينبغي توفر محتوى مرئي لجميع المستويات على منظومة التعليم الموحدة.
أقترح هنا وضع شروط ومتابعة لجودة المادة المقدمة وجودة أداء المعلم المتطوع لتُطرح مادته العلمية على جميع المدارس.
3. البيئة الافتراضية التفاعلية
التي تسمح بالتفاعل المباشر ما بين الطالب والمعلم وتُمكِّن من خلالها تسجيل الحضور والغياب. وُجد أن طريقة التواصل الوحيدة المأخوذ بها حاليًا في التعليم العام فهي منظومة التعليم الموحدة وهي جيدة كبداية ومُجتَهد فيها، لكنها مخيبة لآمال التحول الرقمي المنشود لقطاع التعليم المراد منه الجودة والتميز. وقد يكون السبب الرئيسي لعدم استخدامها هو عدم استعداد الطلاب والمعلمين للتعامل التقني.
4. الطالب المتلقي الذي يتلقٍي التعليم.
انقسم الطلاب إلي نوعين من الطلاب ما بين المتجاوب الحاضر وغير المتجاوب الغائب وكان لابد من وجود آلية لقياس الحضور كأن يكون بمجرد تسجيل الطالب في المنصة، وهذا مستبعد لعدم ما يثبت مصداقية الحضور. أو أن يكون دور المعلم في وضع الحضور والغياب، وهذا غير مستطاع تحت منظومة التعليم الموحدة المأخوذ بها حاليًّا فهي توفر أيقونة إمكانية تسجيل الحضور والغياب، لكنها غير مفعلة لعدم وجود البيئة التفاعلية التي تثبت الحضور. كذلك لا يمكن الحكم على طالب أنه مجتهد لمجرد إرساله لواجب أو حتى تسجيل حضوره فهناك طلاب غير قادرين ولا أولياء أمورهم على استخدام التقنية وقد لا تتوفر لديهم تقنيات الإنترنت والأجهزة الحاسوبية. كما توجد بعض الأسر تعاني من وجود أكثر من طالب في نفس المنزل في مراحل تعليمية مختلفة فكيف سيتم تلقيهم للمادة العلمية المخصصة لهم. قد يكون الحل لهذا العائق في أن تقوم كل أسرة بوضع جدول خاص لأبنائها بمواعيد استخدام الحاسوب. من المثلج للصدر أنه في بعض المدارس قام بعض رجال الخير بتقديم المعونات لمن يحتاجون إلى أجهزة حاسوبية بتسجيل بياناتهم للتمكن من توفير أجهزة حاسوبية لهم.
5. الاتصالات وتقنية المعلومات
أتى دورها للتفاعل في المساهمة في تحقيق نجاح عملية التعليم عن بعد من خلال تقديم الخدمات بأسعار مخفضة للمشتركين وبالأخص للطلاب بعمل باقات مخصصة لهم. وهذا يتم من خلال التعاون مع وزارة التعليم بتمكين آلية تسجيل لكل طالب في خدمة الإنترنت المجانية أو المخفضة بحسب الشروط المناسبة التي توضع من كلا المتعاونين.
وفي النهاية رأيتم كما رأيت أن هناك رجال أعمال ومعلمين ومعلمات ينهضون ويقدمون من أنفسهم، ونحن في وقت حرج إما نهوض أو انتكاس ولهذا يجب على كل مسؤول يجد في نفسه القدرة في المساهمة بنفسه أن يجد لنفسه المكان لينهض وليُعَّلِّم في سبيل الخروج معًا من هذه الأزمة بنهضة وتفوق.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button