لايخفى على الجميع مايمر به العالم اليوم من ظروف قاسية جرّاء أزمة كورونا (COVID-19 ) كما لايخفى على الجميع أيضًا مايحدث على مدار الساعة في جميع أنحاء العالم من أحداث تجري وقرارات تُتخذ من قبل دول العالم لمواجهة هذه الأزمة، ويبدو ذلك واضحًا للجميع خصوصًا في ظل انتشار القنوات الإعلامية في جميع أنحاء العالم وكثرة مواقع التواصل الاجتماعي والتي تقوم بتغطية الأحداث لحظة بلحظة، فقد أصبح العالم اليوم قرية صغيرة جدًا تنتشر فيه الأخبار والأحداث كانتشار النار في الهشيم.
ولكن يبقى لكل دولة من دول هذا العالم نموذجًا أو طريقة خاصة للتعامل مع هذه الأزمة ومواجهتها على جميع المستويات، مرورًا بالمستوى الصحي أولًا ثم بقية المستويات الأخرى كالمستوى الاقتصادي، والسياسي، والغذائي، والتعليمي، والاجتماعي أيضًا.
ولكن بالرغم من تعدد هذه النماذج أو الطرق التي تتخذها دول العالم اليوم في التعامل مع هذه الأزمة مرورًا بالنموذج الصيني، ثم الأوروبي، ويليه الأمريكي، ثم تليها النماذج الأخرى التي تقوم بها بقية دول العالم، يبقى النموذج السعودي هو النموذج الوحيد الذي انتقل من إدارة الأزمات إلى قيادة الأزمات في كافة المستويات.
ولتوضيح ذلك أكثر، لا بد لنا أن نشير أولًا إلى أن إدارة الأزمات تعني الاستعداد لما قد لايحدث والتعامل مع ماحدث، أما قيادة الأزمات فتذهب إلى أبعد من ذلك وهو مانراه اليوم في المملكة العربية السعودية؛ حيث تنتقل في طريقتها لمواجهة هذه الأزمة من الإدارة إلى القيادة، والتي تكمن في إلهام القطاعات والأفراد ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة، وللتحرك أيضًا في الاتجاه السليم لتحقيق النجاح. وهذا يتمثل في ماتقوم به قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين من التوجيه الدائم لجميع القطاعات ذات العلاقة في المملكة العربية السعودية من اتخاذ الإجراءات الاحترازية والوقائية في مواجهة هذه الأزمة والتصدي لها.
ولأن مواجهة الأزمة ومعالجتها تعتمد في كثير من الأحيان على مدى وضوح الرؤية ووعي القيادة وطبيعة علاقتها بالأطراف المعنية، نشاهد اليوم هذا التكامل والتناغم في العمل بين الدولة كقيادة والقطاعات ذات العلاقة كأطراف معنية لها؛ وذلك من خلال رؤية واضحة تنبثق من القيادة الحكمية لمواجهة هذه الأزمة، ونشاهد انعكاس هذا العمل التكاملي والذي يتضح في التعاون من قبل المواطنين والمقيمين في تنفيذ الإجراءات الاحترازية والوقائية الصادرة من جميع القطاعات ذات العلاقة لمواجهة هذه الأزمة، ولعل كل هذا يؤكد على نجاح المملكة العربية السعودية في قيادة الأزمة وليس إدارتها فقط.
فمنذ بداية هذه الأزمة وليس بعدها كما فعلته بقية دول العالم، بدأت المملكة العربية السعودية في اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية والوقائية وتوجيه جميع القطاعات ذات العلاقة في الدولة وعلى رأسهم وزارة الصحة ووزارة الداخلية لتنفيذها ومتابعتها والعمل على تقييمها أول بأول والرفع للقيادات العليا بالتوصيات اللازمة لاتخاذ مايلزم بشأنها لمواجهة هذه الأزمة.
ولعل مانشاهده اليوم ويشاهده العالم أجمع والذي أصبحت المملكة العربية السعودية محطًا لأنظاره في كيفية تعاملها لمواجهة هذه الأزمة، من الاستمرارية في العمل على اتخاذ إجراءات احترازية إضافية وقرارات صارمة وجريئة لمواجهة هذه الأزمة وانعكاس ذلك على التحكم الكامل في انتشار هذا الوباء، وارتفاع في نسبة التشافي مع انخفاض في أعداد الوفيات في ظل زيادة اعداد الحالات والوفيات التي تشهدها بقية دول العالم، هو بمثابة شواهد حقيقية على تمكن المملكة العربية السعودية من قيادة هذه الأزمة بفاعلية وحرفية عالية تجعل من هذا العمل التكاملي والاستراتيجي نموذجًا ليس محليًا فقط ولاخليجيًا، بل نموذجًا عالميًا يحتذى به ويدرس في قيادة الأزمات، ولعلنا نشير أيضًا إلى أن هذا النموذج هو النموذج الوحيد الذي قام بإزالة كل الحواجز في سبيل مواجهة هذه الأزمة فلم يفرق بين الصغير أو الكبير ولا الغني أو الفقير ولا بين المواطن أو المقيم ولا بين النظامي أو المخالف، وبذلك يبقى هو النموذج الوحيد الذي جعل النفس البشرية وصحتها فوق كل شيء تاركًا خلفه كل الاعتبارات والأنظمة والقوانين والأعراف المحلية والدولية.
ولعل هذا النجاح الذي تحققه المملكة العربية السعودية اليوم في التعامل مع هذه الأزمة يستمد طاقته وقوته من قيادته الحكيمة الرحيمة بقيادة ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان آل سعود الذين وضعوا الإنسان وصحته أولًا، ولم يلتفتوا إلى الجوانب الأخرى، في ذات الوقت الذي تضع فيه الدول الأمريكية والأوروبية أو مايسمى بالدول المتقدمة الأقتصاد أولًا، وليس الإنسان ويتضح ذلك جليًا في إدارتهم لهذه الأزمة.
إن كل نجاح تحققه المملكة العربية السعودية يضيف إلى سجلها التاريخي صفحة ثمينة وناصعة من الإنجاز تحتفل فيه بنجاح من رحم نجاحات تفخر بها سجلات العالم ومحافله التي تشهد لها بالقوة الاقتصادية في أسواق المال والقبى التجارية وبالقوة الصحية الاستراتيجيّة التي أثبتتها هذه الأزمة، والتي تشهد لها أيضًا بالقوة السياسية المتزنة والمعتدلة التى تدرك متى وكيف وأين تتحرك بوصلة التأثير نحو الاحترام والاستقرار والسلام.
وخلف تفاصيل هذه الأزمة، يقف التاريخ الذي تتصدر فيه المملكة العربية السعودية على العالم في قيادتها لهذه الأزمة، مؤمنة بطموحاتها وآمالها متمسكة بهويتها ومبادئها وقضاياها العادلة في كل زمان ومكان.
لكم هي قريبة تلك اللحظات التي بدأت فيها هذه الأزمة، ولكم هي قريبة تلك اللحظات التي سوف تغادرنا فيها، وبين لحظات المغادرة والوصول لن يكتب الزمن إلا قصة أولئك الذين برعوا في قيادة الأزمات والتاريخ لاينسى.