يختلف معنى (الهياط) في اللغة عن التفسير الشعبي لهذه المفردة التي انتشرت مؤخرًا كدلالة عن المجازفة والمغامرة الخطرة بقصد الاستعراض ولفت الانتباه.
في الماضي، كانت أفعال الاستعراض هذه محصورة في الفئة العمرية (10 – 19) عامًا تقريبًا، كان (المهايطي) سابقًا، هو ذلك الذي (يشرب زجاجة الفلفل الحار – الشطة الكريستال) أو (يقلب السيجارة داخل فمه) و(البطران منهم) هو (من يقود الدراجة النارية على كفر واحد) وغير ذلك من صور هياط الطيبين.
خلال السنوات الأخيرة، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت (بكثرة) أفعال لم تكن معروفة لدى المجتمع السعودي، رأينا من يدهس على أطراف كلب مستمتعًا بتعذيبه، وآخر يسلخ حيوانًا حيًا، وثالثًا يحرق فأرًا ورابعًا (رغم ما ننعم فيه من خيرات) يلتهم سبعًا أو ثعبانًا!
ثم تطور (الهياط)، ليصل إلى تجاوز القانون بل والجرأة عليه!
رأينا من يعكس السير في الطرق الرئيسية داخل المدن، وتلك التي تتطاول على رجال الأمن لأنهم حاسبوها على تجاوز القانون، شاهدنا متعاطين يتفاخرون بما يحملونه في سيارتهم من ممنوعات، وفوجئنا بأولئك الذين لم يلتزموا بقرار حظر التجول، ليصل مستوى المخالفات عند جماعة يطلقون أعيرة نارية داخل حي سكني، فماذا بقي بعد ذلك من هياط؟
هذه الأحداث والمخالفات الأمنية (لو) كانت (محكية) لما صدقناها واعتبرناها حكايات مبالغ فيها، لكنها بكل أسف أحداث تم توثيقها صوتًا وصورة من قبل المخالفين!
قد يقول قائل: ارحمونا وكفاكم فرض وصايتكم علينا، وماذا في ذلك؟ شباب متهور ومغامر فلا تعطوا الأمر أكبر من حجمه! ونقول لهؤلاء (إن الحرية الشخصية تقف عند حدود الفرد دون أن يسيء لغيره أو مجتمعه).
أعود بالذاكرة معكم لسنوات مضت، حين بدأت تنتشر مقاطع هروب بعض الفتيات، تساهلنا مع تلك المقاطع، واعتبرناها شؤونًا أسرية (لا يحق) لنا الخوض فيها، لم نعطها ذلك القدر من الرصد والتحليل والمتابعة، ثم فجأة، صحونا لنجد (دولًا) و(شبكات منظمة) تقف خلف تلك الأعمال وخططت لاستدراجهن، ودعمت هروبهن وسهلت سفرهن ولجوؤهن لتستغلهن كأوراق للإساءة لوطننا الحبيب!
لهذا فإننا يجب ألا نكرر ذات الخطأ مرة أخرى، ولا يجب أن نتعامل مع مقاطع (الهياط) وكأنها أحداث فردية! لابد أن نحلل تصرفات هؤلاء الأفراد وأن يتناولها أهل التخصص بالدراسة، فالمقاطع المنتشرة يندرج بعضها تحت الجرائم الإلكترونية ويعاقب عليها القانون، لذا نتساءل بتعجب ما الذي يجعل شخصًا (عاقلًا) يقدم على أمر كهذا بل ويصور نفسه ثم ينشر المقطع وهو يعلم مسبقًا بأنه سوف يعاقب؟ هذا الانحراف السلوكي لابد أن يفسره إخصائيو علم النفس وعلم الإجرام!
للإحاطة والتذكير، هناك جهات على شبكة الإنترنت (تشجع) مثل هذه الأعمال (وتدفع) لمثل هذه المقاطع (الشاذة) لأولئك الذين يخالفون القانون أو (يفتعلون) قضية ما وينشرونها على الإنترنت لإثارة الرأي العام وخلق الفتن الداخلية. إن تصرفات (أهل الهياط) تدفعنا للتساؤل، هل هناك علاقة لهؤلاء مع أطراف خارجية وعصابات منظمة؟ ربما تكون هذه المقاطع مؤشر (لجهات أخرى) تقيس بها مدى الاستعدادات الأمنية الداخلية، وقد يستخدمها آخرون لمتابعة ردود فعل المواطنين تجاه تلك المقاطع، فهناك من يرصد الولاء الوطني للسعوديين (حتى لو كان المقطع عن طبق البيض)!
أتمنى على جهات الاختصاص مراجعة القوانين وتغليظها ومتابعة من يتم القبض عليهم لمعرفة التغييرات التي قد تطرأ ماديًا عليهم وعدم قبول الاعتذارات (التي صارت مخرجًا لهم).
*خاتمة*
جاء في الحديث (من أصاب من هذه القاذورات شيئًا فليستتر بستر الله)، وجاء في الأثر (إذا بليتم فاستتروا).
يخالف البعض القانون، وينجو من العقوبة، وبدلًا من شكر الله على نعمة الستر، يبادر برواية وتوثيق مخالفته وينشرها بين أصحابه، قد يستغلها بعضهم لمساومته إما *ماليًا أو لتغيير قناعته عن موقف ما أو لتشويه سمعته*.