د. محمد هنديه

الإعلام الدولي..وجهة نظر

الإعلام الدولي بتسكين الواو وليس بفتحها؛ لأن العرب تنسب إلى المفرد وليس الجمع أي إلى دولة وليس دول، وما درج عليه أكثر المراسلين والمذيعين والمحللين في القنوات التلفزيونية الفضائية هو الفتح ولعمرك أنهم مخطئون في اللفظ ويخطئون أيضًا في التعامل معه فالإعلام الدولي يختلف تمامًا عن الإعلام الداخلي؛ لأن الداخلي يعمق الولاء، ويلبي رغبات الجمهور ويحافظ على أمن الدولة في الداخل، أما الإعلام الدولي فلا يهتم ولا يعرف إلا المصالح المشتركة بين الدول، وهو بذلك له أهداف ووظائف في حالتي السلم والحرب؛ فمن أهداف الإعلام الدولي في السلم نشر السلام العالمي والتعاون الدولي في شتى المجالات، أما في الحرب فهو يعمل على تعبئة الكراهية ضد العدو وفضح مخططاته الهدامة، والحفاظ على صداقة الصديق، والحصول على تعاون المحايدين، وبث رسائل مقننة تراعي سمات المستقبلين لها، ويختار الوسائل الإعلامية المناسبة لتلك الرسائل، أما فيما يخص وظائف الإعلام الدولي فأهمها الاتصال بالجماعات المؤثرة في صناعة القرار في النظم السياسية المختلفة كالأحزاب والبرلمانات والمؤسسات الضخمة، وهذا الاتصال وإن كان باهظ الثمن إلا أنه ضروري، وهناك أيضًا وظائف تمثلية مثل المكاتب الإعلامية التي تقوم بأنشطة مختلفة مثل المعارض الدولية وإصدار المنشورات وغيرها؛ ومجمل القول بلا تطويل ممل أو تقصير مخل. فإن هندسة الرسائل في الإعلام الدولي تحتاج إلى متخصصين فيه، ومحترفين في تصميم استمارات تحليل مضمون وسائل الإعلام المعادية، وعلى ضوئها توضع استراتيجيات الرد واختيار الوسيلة المناسبة والتوقيت المناسب لبثها، وقبل ذلك يؤخذ في الاعتبار تصنيف وسائل الإعلام المعادية، من صحافة ومجلات وإذاعة وتلفزيون ومواقع اخبارية التي تنشر المحتوى السيئ بأساليب قذرة لتسهيل مهمة التعامل معها، ولولا أن مساحات الصحافة ضيقة ولا تحتمل التفصيل الدقيق والمساحات الشاسعة لفصلّت للقارئ الكريم جوانب من استراتيجية المواجه مع ضرب الأمثلة على ذلك، وقد قمت فيما سبق عبر صحيفة عكاظ عام ١٩٩٠م قبل ثلاثين عامًا بتفصيل دقيق عن أيديولوجية الدعاية العراقية في غزو الكويت بعد زيارتي الميدانية لإذاعة بغداد قبل الغزو بسنة لدراسة الدعاية الحربية بين العراق وايران ضمن أبحاثي في مجال الإذاعات الدولية الموجه.
وأخيرًا نشير مع بالغ الأهمية بأن وكالات الأنباء العالمية فقدت السيطرة واحتكار الأخبار مع انتشار شبكات التواصل والإنترنت، وأصبح الإعلام الجديد هو السيد الذي يحكم العالم وإذا ما أمكن السيطرة عليه قد نفقد السيطرة على الرأي العام العالمي الذي يتوحد في القضايا التي تهدد البشرية مثل وباء كورونا، وانتشار الأسلحة النووية والإرهاب وغيره.

————

استاذ الإعلام الدولي
ورئيس قسم الإعلام بأم القرى سابقا

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button