بالرغم من أن شهر رمضان المبارك يطل علينا هذه الأيام، ونحن نعيش أجواء عُزلة وتباعد اجتماعي، ونفتقد لأداء الصلوات المفروضة وصلاتي التراويح والقيام في بيوت الله بسبب جائحة فيروس كورونا، إلا أنني أجزم بأن هذه العزلة ستكون فرصة جيدة لنا جميعًا؛ لأن نمارس طقوس رمضان، ونستمتع بروحانيته كما يجب..
فكم من “رمضان” مرّ علينا، ونحن منشغلون باستقبال الزوار، وتجهيز الولائم، والاهتمام بالمشتريات والخروج للأسواق وارتياد المطاعم؛ إضافة إلى العديد من العادات التي أبعدتنا عن اغتنام الأوقات الثمينة في هذا الشهر الفضيل.
الآن ما أجمل أن نستشعر قيمة العزلة في شهر رمضان، ونعوِّض ما فاتنا في الأعوام السابقة عبر اغتنام هذه الأيام الفضيلة من هذا الشهر المبارك وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة..
نعم إنها العزلة التي تقرِّبنا لشهر رمضان فنبتهج به ويفرح بنا، وتخلو فيه النفس لله عز وجل، فيستشعر المؤمن عجزه وضعفه، فيرفع أكف الضراعة، ويعلو صوت دعائه، ويرتمي ساجدًا لربه، فتدمع العين، ويصلح القلب، وتنشغل النفس بالطاعة والعبادة وقراءة القران، فتُغسل همومنا وتندثر أحزاننا، ويقل إقبالنا وشراستنا على ماديات الحياة..
يوصينا ابن الجوزي رحمه الله بالعزلة فيقول: “فيا للعزلة ما ألذها! فلو لم يكن في العزلة إلا التفكير في زاد الرحيل، والسلامة من شر المخالطة لكفى”..
ويقول الإمام محمد بن سيرين: “العزلة عبادة”..
إن “رمضان” هو موسم الخيرات والرحمات، وهو شهر القرآن والبركة والغفران والعتق من النيران.. أفلا يستحق إذًا أن نعيش فيه العزلة ويفرح بنا كما نبتهج بقدومه كل عام؟!