لماذا ؟ رغم أنفه !!

استوقفني للتفكر والتدبر الحديث الشريف الذي شد انتباه الصحابة رضي الله عنهم ذات يوم، عندما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعد المنبر، درجة درجة ويقول: آمين، آمين، آمين، وكأنه صلى الله عليه وسلم يحدث نفسه، فأثار هذا التصرف فضول الصحابة الكرام، فسألوه -عليه الصلاة والسلام- عن سر ما فعل، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : (( إن جبريلَ أتاني فقال: من أدركَ شهرَ رمضانَ، ولم يُغفرْ له، فدخلَ النارَ فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحَدَهُما فلم يَبَرَهُما فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن ذُكِرتَ عنده، فلم يُصلِ عليكَ فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين )) أخرجه ابن حبان في صحيحه.
وفي حديث آخر في المعنى نفسِه، أخرجه الترمذيُ وغيرُه، بإسنادٍ جيدٍ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّة).

ومعنى كلمة (رغِمَ أنفه)
قيل إن هذا يشبه أن يكون دعاءً عليه بذلك، أي: بالذل والصغار والمهانة؛ لأن هذه العبارة يكنى بها عن هذا المعنى، وأصلها حينما يقال: رغم أنفه أي: صار أنفه في الرغام، والرغام: هو التراب، والإنسان يشمخ بأنفه، يعبّر بذلك عن الارتفاع والعلو والعزة وما أشبه ذلك، يقال: شمخ بأنفه، فإذا كان أنفه في التراب فإن ذلك يعني: الذل والمهانة والصغار.

وهذا الحديث الذي ورد بروايات صحيحة ومختلفة أدركت فيه أهمية وفضل هذا الحوار بين أعظم مخلوق من ملائكة السماء(جبريل عليه السلام)، وأعظم مخلوق في الأرض رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام، فالله سبحانه وتعالى برحمته وفضله أعطى لكل مسلم عددًا من الفرص الثمينة لمغفرة الذنوب والفوز بالجنة، وعلى رأس تلك الفرص وأهمها هي ثلاث فرص ككنوز عظيمة من فاتته فاته الخير كله في الدنيا والآخرة خلاف الفرص الأخرى من ذكر الله، والصلاة على رسول الله، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والصدقة، وغيرها، من فرص مغفرة الذنوب ، وهي:

الفرصة الأولى
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه،..الحديث» (رواه البخاري ومسلم).

الفرصة الثانية
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» (رواه البخاري ومسلم).

الفرصة الثالثة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام ليلةَ القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه)) متفق عليه.

الله الله ما أسعد من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا.
الله الله ما أسعد من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا
الله الله ما أسعد وما أسعد وما أسعد وفوز من ؟ قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا
أسأل الله لي ولكم أن نكون من سعداء هذا الشهر