المقالات

لا قطرة دم بالعجل، ولا الجزار ..!

لو فهم العاملون معنى الشرف لأصبحوا كلهم شرفاء .. في هذه الحياة الكل يطلب، ويبحث في عمله عن الشرف الذي يتصوره الناس، ويصيب تارة، ويخطئ تارة أخرى دون قصد.

لكن الشيطان الذي يجري مجرى الدم في الإنسان والنفس الأمارة بالسوء ترى أن الشرف هو أن يحقق الإنسان لنفسه المال بأي وسيلة كانت مع علمه في قرارة نفسه أنه مذنب، ولا يبالي في تصور الناس له أن يروه مجرمًا، ولا يبالي بالقانون إطلاقًا.

انتشر مقطع فيديو تداولته مواقع التواصل انتشار النار في الهشيم، وتناقلته الأخبار عن “عجل يتسبب في إغلاق ملحمة بالباحة”.

ظهر فيه الجزار في لحظة تصوير .. وتهليل تكبير؛ لذلك العجل السمين يسرك منظره ويسوؤك مخبره به من السحر الحلال جمالًا وبهاء؛ وبذلك الجزار خبث ودهاء، تل العجل وبين يديه سكينًا أمضاها على الودجين ولم تسلْ لقطعها الدماء، وفي قلبه عملًا غير صالح لا تنفذ إليه أشعة الوفاء ..!
وأراد أن يضلنا بتصوير عِجْله وهو ميت فربما يكون له خوار، لكنه لا يملك قبضة تراب من أثر حافر حصان جبريل، وما أشبه ذلك الجزار وعِجْله بسامري بني إسرائيل وعِجْله الذي ألقى في فمه قبضة تراب من أثر حافر حصان جبريل، فصار جسدًا له خوار ليضل به بني إسرائيل وهو لا ينفع من دون الله ولايضر.

في نظري ونظركم الجزار ارتكب جريمة يستحق عليها العقاب والتنكيل؛ لأنه مارس دوره بإتقان، بتذكيته العجل بالدجل والتضليل، أمام العيان، والعجل ميت، والميتة يحرم أكلها فلم نرى منه نقطة دم وليس ذلك العجل من صنف الميتتان ولا الدمان لا حوت هو ولا جراد، ولا كبدا هو ولا طحال .. إنه عجل سمين مات حتف نفسه ولم نعلم حقيقة موته خنقًا أم موقوذًا أم مترديًا أم نطيحًا قبل إمضاء السكين ..!
قال الله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ) (المائدة: 3)

أما في نظر ذلك الجزار المحتال الأثيم، فيسرق السارق، ويزور المزور، ويخون الخائن وفي اعتقاده وتصوره الشيطاني أنه شرف للحصول على المال ولو بسبلٍ دنيئة ..!
فصوت حفيف أوراق المال، يعلو على صوت المعارضين والناقدين وألف مقال؛ لأنه يرى أنه قدم عملًا جليلًا، ونفض عن نفسه غبار الكسل والتأجيل، فقام بعمله بحذاقة، وبراعةٍ، وشجاعةٍ، وإقدام، دون مبالاة، أو رحمة بنا، أو تعليل ..!
فمن المخطئ العجل الذي مات وليس بأوداجهِ قطرة دم.. أما الجزار الذي ليس في وجهه قطرة دم.؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى