أحمد حلبي

مكة التي غاب معتمروها

اعتدنا بمكة المكرمة أن نرى الطائفين حول البيت العتيق يجذبون الأنظار، بلباسهم الأبيض النقي، وأيديهم المرفوعة بالشكر لرب العباد الذي مكّنهم من دخول بيته الحرام والطواف حوله، كما اعتدنا في شهر رمضان أن نرى موائد الأفطار، وقد غطت ساحات الحرم المكي الشريف في صور يعجز اللسان عن وصفها والقلم عن تدوينها، واعتدنا أن نرى شبابنا في رمضان وهم يقفون بفخر واعتزاز في استقبال كل زائر إحساسًّا منهم بالمسؤولية التي يحملونها، بعد أن جندت الدولة كافة إمكانياتها وطاقاتها ليتمكن قاصدو البيت الحرام من أداء نسكهم بيسر وسهولة، هكذا كانت الصور تبدو أمامنا في رمضان من كل عام.

لكن هذا العام تغير الحال فغاب الطائفون حول الكعبة المشرفة، وغاب معهم العاكفون الراكعون الساجدون، كإجراء احترازًا لمواجهة فيروس كورونا الذي أبعد القريب، وغيب الكثير، وفرق الجميع.
وإن أبعدنا الداء عن دخول بيت الله الحرام والاستمتاع بأجوائه الإيمانية، فإن ألسنتنا ستبقى داعية قائلة :” اللهم اجعل لي بها قرارًا، وارزقني منها رزقًا حلالًا”،
وقريبًا سنعيد تكرار قول يوسف العظم في قصيدته (مواكب النّور):
أطوفُ بالكعبةِِ الغرّاءِ ألثُمها
وأذكرُ اللهَ في سرّي وإعلاني
وأفتحُ القلبَ للأنوار تملؤه
فتدمعُ العينُ أو تخضلّ أجفاني
والناسُ حوليَ تسبيحٌ وأدعيةٌ
تحيا مع الذكر في آياتِ قرآنِ
من كلّ فج عميقٍ طاف طائفُهم
يرجو من الله أنّ يحظى بغفرانِ

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button