تعاني الصحف الورقية في الولايات المتحدة في العقد الأخير اختفاء ألفي صحيفة ومجلة، وتراجعت فرص العمل فيه إلى النصف، وبسبب فيروس كورونا فإن المؤسسات الصحافية ستتلقى ضربة جديدة بسبب تراجع الإعلانات جراء تباطؤ الاقتصاد وانخفاض في عائدات الاشتراكات يسبب مزيدا من الصعوبات الاقتصادية مع فيروس كورونا المستجد في وقت يحتاج الناس أكثر من أي وقت مضى إلى مصادر أخبار موثوقة لذلك يجب أن تكون هناك أوقاف خاصة بهذه الصحف يمكن أن تستثمرها حتى تعتبرها موردا مستداما لها تتمكن من مواصلة أدائها الإجتماعي.
كما يتوقع أن تلغى مؤتمرات وفعاليات كانت تعول عليها المؤسسات الصحفية لدعم إيراداتها، طالما حالة الطوارئ الصحية متواصلة لفترة أطول مما يتوقعه كثير من المسؤولين لأن كثير من المسؤولين يتوقعون أن تستمر هذه الجائحة فترة أطول، يؤكد ذلك أستاذ الصحافة في جامعة ساذرن كاليفورنيا ستعاني المؤسسات الصحفية على المدى القصير بسبب اعتمادها على الإعلانات، وكذلك حذرت صحيفة ذي سترنغر الأسبوعية في سياتل من أزمة قادمة وطلبت من القراء التبرع بسبب أن عائدات الصحيفة 90 في المائة من إعلانات وفعاليات أغلبها متوقفة بسبب جائحة كورونا.
وبالنسبة لجميع الصحف تشكل الأزمة فرصة لتطوير التواصل مع جمهورها ولإبراز قيمتها ومصداقيتها خصوصا في زمن التواصل الاجتماعي التي تنتشر فيه الأخبار غير الموثوقة وذات المصادر المشبوهة، فيصبح الإعلام هو الركيزة الأساسية الذي يجد فرصته المواتية في خلق تواصل مع جميع الشرائح ليتحول إلى مصادر للمعلومات الموثوقة، لكن مع ذلك بحسب جوزف ليخترمان مسؤول الاستراتيجية التحريرية والرقمية لدى لينفست إنستيتوت المالكة لصحيفة فيلادلفيا إنكوايرر من أن المؤسسات الإعلامية ستواجه تحديات كبيرة في تغطية الأزمة التي تشكل في نفس الوقت فرصة لها.
إذ تتعرض المؤسسات الإعلامية المحلية لضغوط لتوسيع تغطيتها مع تفاقم الأزمة الصحية ما يطرح مشاكل إضافية مثل التحقق من سلامة العاملين لديها ولابد أن يحصل العاملون في تلك المؤسسات بما يتناسب مع تلك الظروف فهي بمثابة ضغوط تقع على المؤسسات الصحفية المحلية.
خطر المعلومات الخاطئة عن فيروس كورونا قد تكلف الناس حياتهم، لذلك يتابع المواطنون الخاضعون للعزل الصحي في بيوتهم حول العالم الأنباء باهتمام، فقد كشف استطلاع أجراه معهد إدلمان من السادس إلى العاشر من مارس 2020 أن أكثر من 90 في المائة يطلعون مرة واحدة في اليوم على الأقل على التطورات المرتبطة بالفيروس، وأكثر من نصفهم يقومون بذلك أكثر من مرة يوميا وهذا الاستطلاع شمل الإيطاليين واليابانيين والكوريين الخاضعين للعزل الصحي.
تبقى الصحافة أساسية مع شبكات التواصل الاجتماعي كسرت الاحتكار شبه الكامل للأخبار من قبل وسائل الإعلام، فوجد استطلاع أجراه معهد إيبسوس لموقع أكسيوس الإخباري إلى أنه للاطلاع على التطورات المرتبطة بالفيروس لا يزال نصف الأميركيين يثقون بوسائل الإعلام التقليدية، بينما تثق نسبة أقل بكثير بشبكات التواصل الاجتماعي وهي فرصة لوسائل الإعلام لاستعادة ثقة قرائها وقد يثق القراء بوسائل إعلام صغيرة أكثر من وسائل إعلام كبيرة.
المهم قدرة وسائل الإعلام سواء الكبيرة أو الصغيرة على انتقاء الأخبار والجديرة بالثقة، وكتبت مدونة وكالة فرانس برس لكشف الأخبار المضللة في ميزان فرانس برس وقالت لا فيروس كورونا المستجد لم يتم إنتاجه ومنحه براءة من معهد باستور ولا نعرف ما إذا كان ارتفاع حرارة الجو في الربيع يقتل الفيروس.
لذلك تؤكد مارينا ووكر من مركز بوليتزر المنظمة غير الحكومية الأميركية التي تدعم الصحافة تقول إنها ليست مرحلة ملائمة للسبق الصحفي والعمل كالعادة بل قالت نحن جميعا نواجه العدو نفسه إنها فترة تضامن والعمل في العمق والبرهنة على أننا نكتب لقراء وليس لأجندات سياسية أو لمصالح اقتصادية حيث يدعم مركز بوليتزر ماليا مشاريع صحفية تعتمد على التعاون بين هيئات تحرير عديدة لتغطية منسية للأزمة.
هناك في المقابل يرى عالم الاجتماع الإيطالي إدواردو نوفيلي من جامعة روما3 إلى أن عددا من وسائل الإعلام تباطأت في العمل في بداية الأزمة وكتب دراسة بعنوان إنفومود تتعلق بما نشرته 257 وسيلة إعلامية أوربية على موقع فيسبوك جرت بين ديسمبر 2019 و14 يناير 2020 أن الصحف تأثرت إلى حد كبير بحكوماتها الوطنية التي قللت من شأن الفيروس في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ولم يكن توقعها حول خطورة الأزمة صائبا.
لكن لو تتبعنا بلدنا السعودية فكانت دولة استباقية في توقع خطورة هذا الفيروس وأخذت كافة احتياطياتها وبذلك حافظت على مواطنيها وجنبتها جائحة الوباء بخلاف ما حدث في دول أوربا وأمريكا وإيران وغيرها من دول العالم، ولم يواصل إعلامها التضليل مثل الإعلام الغربي فمثلا صحيفة مثل ديلي ميل في بريطانيا التي أوردت فكرة أن الفيروس التقطه شخص تناول حساء خفاش في الصين، وهذه المعلومات تناقلتها صحف صفراء عديدة تعيش على أخبار الإثارة.
أزمة كورونا ستؤدي إلى تسريع هذه المرحلة الانتقالية التي تشهد موت الصحف الصفراء الورقية، فمثلا تراجعت مبيعات الصحف الفرنسية بنسبة 24 في المائة، فيما قال المؤرخ باتريك إيفنو إن الصحف ستموت أو تعيد تجمعها وكل شئ مرهون بمدة الظاهرة لكن وسائل الإعلام التي تكون جديرة بالثقة ستستفيد عبر مضاعفة عدد اشتراكاتها الرقمية.