الثقافيةالمجتمعحوارات خاصة

إبراهيم زاهد قدسي: والدي رفض منصبًا كبيرًا حبًا لمكة والبقاء فيها

عاش الحياة يتيمًا يسير في مناكبها وحيدًا يبحث عن مستقبلٍ تشكّلت ملامحه بنهضة المملكة العربية السعودية، فكان له من الدنيا نصيب ومن محبة الناس وتقديرهم نصيب أكبر، حتى إذا فارق الحياة ظلّ طيف روحه يحلّق في سماء مكة المكرمة التي عشقها ورفض منصبا كبيرا كي لا يغادرها ويبقى بجوار أمه يتلمس رضاها ودعاءها له.

إنه عميد المعلقين الرياضيين زاهد قدسي، الذي تلتقي صحيفة “مكة” الإلكترونية بنجله إبراهيم، لتأخذ القراء الكرام في جولة على محطات هامة من حياتهما وأساليب تربيته وتعامله مع أبنائه والوصايا التي قدمها للأجيال الجديدة.

1 – في البدء نتعرف على ابن مكة؟

أهلا وسهلا بكم وبالقراء الكرام عبر صحيفتنا الطموحة صحيفة مكة الإلكترونية أنا إبراهيم بن زاهد قدسي من مواليد مكة المكرمة – حرسها الله – ماجستير جامعة أونتاريو كندا، وحاليا محاضر بجامعة الملك عبدالعزيز.

2 – في أي حارة كانت نشأتكم م. إبراهيم؟

نشأتي كانت بحارة صليب بشارع جرهم جنوب مكة المكرمة.

كانت المنطقة في خارج المنطقة السكنية بمكة آنذاك، وكان الوالد عندما سكن فيها الساكن الثالث أو الرابع في الحارة والآن أصبحت من أقرب المناطق للحرم.

3 – أين تلقيتم تعليمكم ؟

درست المرحلة الابتدائية، والمتوسطة في مدرسة الملك فيصل النموذجية بحي أم الجود، والمرحلة الثانوية بمدرسة مكة الثانوية. أما المرحلة الجامعية

ففي جامعة الملك عبدالعزيز بكالوريوس تخصص جيولوجيا هندسية، ثم ابتعثت لكندا؛ لتحضير الماجستير في تخصص الجيولوجيا البنائية والاستشعار عن بعد ولله الحمد حصلت عليه من جامعة غرب أونتاريو UWO.

4 – ماذا بقي في الذاكرة من أحداث عشتم معها عراقة الحارة؟

قبل 40عاماً تحديدا كانت حارتي تمتاز بعدة ميزات من أهمها:

 – تقارب الجيران و خصوصاً في شهر رمضان المبارك، وعيد الفطر المبارك فتجد ولله الحمد والمنة تبادل طعام الإفطار، والمعايدة الجماعية لجميع الجيران. وأتذكر أني كنت أمضي وقت أكبر مع أبناء الجيران من جلوسي بالبيت.

ولازلت أيضا أذكر ملعب الكرة الذي كان أمام بيتنا تحديدا والدوري الرمضاني في الكرة الطائرة، ولقاء الجيران في أجواء رمضانية جميلة جدا لاتنسى.

كما أتذكر أنني كنت استقل حافلة (انيسة) تنقلنا من الحارة إلى مقر نادي الوحدة القديم لأداء تمارين فريق كرة السلة وكانت قيمة المشوار نصف ريال 

أيضا كنا نتلقى الدروس الدينية ونحفظ القرآن الكريم في مسجد الحارة.

5 – في مرحلة الطفولة العديد من التطلعات المستقبلية.. ماذا كنتم تأملون حينها؟

الحياة كانت بسيطة جدا، والناس أيضا بسطاء، وحتى الأحلام كانت بسيطة. نحن جيل جريندايزر، وافتح يا سمسم، ولم أقتني الجوال إلا وقد تجاوزت 30 عامًا ولهذا كان حلمنا جميعا كشباب للحارة أن نتخرج من الجامعة.

وهنا حقيقة لابد أن أذكر قصة حزينة لأقرب صديق لي كان منزلهم لصيق لمنزلنا تماما وكنا نقضي معظم اليوم مع بعض نبدأ بالمدرسة، ثم عصراً في تربية الدجاج في أحواشنا، ثم لعب الكرة، و أخيرا المذاكرة فوق سطح منزلنا لا نفترق إلا وقت النوم.

 كان يسبقني بعام واحد ذهب لجامعة البترول وكان حلمنا أن نجتمع مع بعضنا في الجامعة ولكن إرادة ﷲ تعالى وقدره كان أسرع فقد حصل له حادث في إجازة الربيع عند عودته لمكة المكرمة و توفي -يرحمه الله – رفيق طفولتي وذهب حلم الطفولة مع ذهاب رفيق دربي عماد مغربي لرحمة الله.

6 – تربية الأبناء في السابق بنيت على قواعد صلبة ومتينة.. ما هي الأصول المتعارف عليها في ذلك الوقت؟

أبي رحمه الله تعالى نشأ يتيماً فأراد أن يعوض ذلك في أبنائه.. أبي صعب أن أعوضه صحيح كان مشغولا في أعماله التربوية والتعليمية وإداراته لأهم مدارس مكة المكرمة آنذاك (مدرسة الزاهر المتوسطة، ثم مدارس الملك فيصل النموذجية) والعمل الإعلامي والرياضي لم نكن نراه إلا قليلا ولكن في تلك الفترة البسيطة يعوضنا الحنان والتربية وكنا نفهم ما يريده من نظرات عينه. رحمه الله كان شديدا ولكن في نفس الوقت فيه حنان كبير، ونظرة مستقبلية استطاع تربية 6أبناء ولله الحمد 3 منهم حصلوا على الماجستير، وإحدى بناته وصلت لمستشارة في إدارة تعليم مكة المكرمة، والأخرى مسؤولة عن أعمال زاهد قدسي الخيرية.

و لن أنسى دور الوالدة الفاضلة المعلمة هند علاف فقد كانت خير من يساند ويقف كثيرا مع الوالد خصوصا وقد كانت سفرياته مع الفرق والمنتخبات الرياضية كثيرة فكانت خير الرفيق له فجزاها الله الجنة.

7 – في تشكيل صفاتكم ساهمت الكثير من العادات والتقاليد المكية في تكوينها ما أبرزها؟

الحمد لله الذي أكرمني بولادتي في أطهر بقاع الأرض والوالد كان يحرص أن يربط كل أعمالنا بمكة و هنا أذكر حدثا مهما فقد تم عليه عرض منصب وكيل الأمير الراحل فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب -يرحمه الله – ولكن اعتذر وقال (صعب علي أن أترك مكة وأمي) فزرع فينا حب مكة المكرمة والسكن والتمسك بها. والحمد لله انعكس ذلك علينا وعلى صفاتنا وأهمها خدمة حجاج بيت الله الحرام، وخصوصاً أن أخوالي من بيت العلاف مطوفين واثنين من أزواج أخواتي من بيت خوقير وبيت حسنين كذلك. وقد شاركت معهم في مخيماتهم وأنا صغير إلى أن كبرت ولله الحمد والمنة.

8 – الأمثال الشعبية القديمة لها أثر بالغ في النفس.. ما هي الأمثال التي لازالت باقية في الذهن؟ ولماذا؟

طبعاً الأمثال المكية كثيرة وتأتي مع المواقف والأحداث واللهجة المكية جميلة ومرغوبة في جميع أنحاء المملكة. ومما يميز أسلوب الوالد في التعليق تمسكه باللهجة المكية البسيطة.

وأذكر قصة زميل لنا في جامعة الملك سعود وهو لاعب سابق يقول: كانت خالتي تطلب مني وأنا طفل (أعطينا اللهجة الحجازية مثل المعلق (زاهد قدسي). ومن المقولات التي كان يكررها (كل مكاوي وحداوي ! ) رحمه الله.

9 – الحياة الوظيفية.. أين كان لشخصكم القدير أول بداياتها وآخرها؟

الحمد لله بعد تخرجي مباشرة تم تعييني مُعيدا في جامعة الملك عبدالعزيز، ومن ثم الحصول على الماجستير من كندا، ثم بدأت في رسالة الدكتوراة والحمد لله لظروف إجرائي عملية القلب توقفت عن إكمالها والتي كان الوالد (رحمه الله) حريص على أن أحصل عليها. وأنا أعتبر كتابه الذي ساهمت في إعداده بمثابة رسالة دكتوراة لي، ولا زلت محاضراً بقسم الجيولوجيا البنائية والاستشعار عن بعد بالجامعة حتى الآن و لله الحمد.

10 – شهر رمضان وشهر الحج من المواسم الدينية والاجتماعية المميزة حدثنا عنها.

نحرص على قضاء رمضان بمكة المكرمة والإفطار مع الوالدة – حفظها الله- والأحفاد كما كانت هي عادة الوالد. و صلاة التراويح و القيام بمكة فالأجر مضاعف.

أتذكر جيدا عند الانتهاء من الماجستير ومغادرتنا لكندا كان الأخوان من المسلمين يودعوننا بالدموع.. ويقولون أنتم ذاهبون لأطهر أرض ولن يعرف قيمة هذه النعمة إلا من سكن خارج مكة المكرمة.

11 – تغيرت أدوار العمد في الوقت الحاضر وأصبحت محددة.. كيف كان سابقا دور العمدة في الحارة ؟

العمدة كان بمثابة الأب الثاني والعين الحريصة على كل عائلة، وأولاد الحارة، ويعرف كل من دخل وخرج من الحارة، و له وقار واحترام وتقدير من الجميع، أتمنى حقيقة أن يُعاد ذلك الدور للعُمد.

مجالس الحي كانت تقوم ببعض هذه الأدوار وأتذكر الوالد كان رئيس المجلس لفترة 13 عاما في حي الخالدية 2 و الحمد لله كان يحرص بنفسه على السؤال عن كل منزل (كان العدد بسيط في الحي عام 1411هـ) ويجتمع بهم يناقشون احتياجات الحي، ومساعدة المحتاجين وقد ساهموا بفضل الله تعالى في إنشاء مغسلة الأموات الخيرية بجامع المهاجرين وقد حضر الافتتاح الأمير عبدالمجيد (رحمه الله تعالى) وكان الوالد من أوائل الموتى الذين تم غسيلهم في تلك المغسلة.

12 – القامات الاجتماعية من تتذكرون منها والتي كان لها الحضور الملفت في الحارة؟

كما ذكرت سابقاً رجال الحارة كانوا كأخوة يجتمعون في السراء والضراء. وأذكر أسماء بعض عائلات الجيران مثل عوائل المغربي، العراقي، والكنسارة، المياجان، الحافظ، السمداني، وأحيد، الميمني، و الكركدان، غنيم، الحجاجي، الخزاعي، كوير، الزمزمي، والمالكي.

13 – هل تتذكرون موقفا شخصيا مؤثرا حصل لكم ولا تنسونه؟

أبي كان بالنسبة لي كل شيء أب وأخ وصديق و لن أنسى وفاة الوالد -يرحمه الله تعالى -عام ١٤٢٤هـ وقد كنت خارج الوطن في بعثة دراسية وسبحان الله قبل وفاته ب 40 يوماً كان يزورني في ماليزيا وسقط عندنا وكانت جلطة عابرة ولن أنسى وأنا أودعه في المطار نظر للخلف في آخر نظرة وأشار بيده على أولادي كأنه يوصيني أن آخذ بالي عليهم.

و لله الحمد على كل حال كانت وفاته كانت سريعة منذ وقوعه في مستشفى النور التخصصي بمكة المكرمة لوفاته كانت 3 أو 4 ساعات فقط و لم أستطع العودة إلا ثاني يوم؛ لظروف الطيران وقتها. وبصراحة كانت صدمة كبيرة وفاة الوالد وأنا بعيد وعند دخولي البيت و هو غير موجود مما سبب لي حالة حزن شديدة لفترة طويلة أثرت على صحتي وأدت إلي أن أجري عملية القلب بعد فترة.

و الحمد لله ربنا عوضني بإبني زاهد الذي تخرج منذ 6 سنوات من الجامعة و هو يعمل في الخطوط السعودية في قسم الملاحة الجوية وإن شاء الله نفرح به عريساً في القريب.

14 – المدرسة، والمعلم، والطالب ثلاثي مرتبط بالعديد من المواقف المختلفة.. هل تعرفونا على بعض منها؟

فليعذرني القارئ قد تكون إجابتي كلها مرتبطة مع الوالد؛ لارتباطي الكبير به، فقد كانت دراستي الابتدائية، والمتوسطة بمدرسة الملك فيصل النموذجية والتي كان الوالد مديرها وهي أول مدرسة نموذجية بمكة عام 1392هـ بأمر من الملك فيصل (رحمه الله)؛ لتكون مشابهة للثغر النموذجية بجدة فكانت مشابهة في النظام، والزي، والمواصلات، والعدد المحدود في كل مرحلة فكانت بالفعل مرحلة متميزة ولازلت أقابل المتخرجين منها في عدة مناصب مهمة في الوطن و يذكرون الوالد ونظامه في تلك المدرسة بكل خير و لله الحمد.

15 – كثرت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر وأصبحت مرافقة مع الناس في كل مكان.. ماهي الوسائل المتوفرة لديكم في السابق؟ وما أثرها على أفراد المجتمع آنذاك؟

الصحف الورقية كانت الوسيلة الوحيدة لمتابعة الأخبار وكنت أنتظر عودة الوالد ظهراً ومعه السبع مطبوعات في ذلك الوقت وكنت سعيدا وأنا أراه يعمل أرشيف سنوي منها. و لا ننسى أنه كان رحمه الله من أوائل الصحفيين السعوديين الاجتماعين والرياضيين وكان يحرص على توزيع صحيفة (الرياضة) بسيارته صباح كل يوم على مكتبات مكة بنفسه !.

16 – تظل للأفراح وقفات جميلة لا تنسى في الحارة.. ماذا تتذكرون من تلك اللحظات السعيدة؟ وكيف كانت؟

كما ذكرت لك سابقاً الحياة كانت بسيطة جدا والأفراح كذلك كانت تقام في أسطح المنازل للنساء، أما للرجال ففي الأحواش، أو البرحات (أرض بيضاء) وتكون الاستعدادات من الصباح وجميع أهل الحارة رجال ونساء وأطفال يقومون بالمساعدة، وبعد صلاة العصر تبدأ الاحتفالات الشعبية، من الرقصات كالمزمار، ويكون طعام العشاء بعد صلاة العشاء مباشرة وينتهي الفرح بالكثير الساعة العاشرة ليلا، وللأسف الآن يبدأ الحضور للأفراح الساعة العاشرة ! (موضوع الفرح المبكر شاهدته في ماليزيا وآمل أن يعود هنا). و كان هناك موضوع اسمه (الرفد) وهو إهداء من أهل الحارة والأقارب لأهل العريس، والعروسة من أرزاق البلد أو الذبائح؛ مساعدة في تكاليف الفرح.

17 – الأحزان في الحياة سنة ماضية.. كيف كان لأهل الحارة التخفيف من وقعها؟

كان جميع أهل الحارة يقف، ويساند الجار إذا حصل له مكروه من وفاة، أو حادث، أو مرض، و يساعدونه إلى أن يخرج من محنته. وأتذكر عند وفاة صديق العمر عماد مغربي -رحمه الله -جلسنا في منزلهم الثلاث أيام من الصباح إلى المساء وهذا من باب التكاتف الذي افتقدناه الآن بين الجيران في الأحياء للأسف !.

18 – الأحداث التاريخية الشهيرة في حياتكم والتي عايشتها..هل تتذكرونها؟ وما الأبرز من تفاصيلها؟

نعم.. أتذكر للأسف الشديد حادث جهيمان وفعلته الشنعاء واحتلال الحرم المكي الشريف وكيف كان الجيران يساعدون بعضهم بعضا إذا احتاج أحد منهم شيئا من المواد الغذائية، والمياه، وحتى إن كانت مساعدات مالية ولو بسيطة لكن حقيقة كانت قيمتها كبيرة في نفوس الجميع.

19 – ما هي الألعاب الشعبية التي اشتهرت بها حارة صليب؟

في الأفراح والأعياد كنا نحتفل بلعبة المزمار، والحلجة، والمجرور. و كانت الساحة أمام بيتنا في الأعياد يتم بها إقامة الاحتفالات أو الزواجات، و في الواقع الفرحة كانت عفوية من جميع أفراد الحارة الذين يشاركوا فيها.

20 – لو كان الفقر رجلا لقتلته مقولة عظيمة لسيدنا علي رضي الله عنه..هل تروون بعضا من قصص الفقر المؤلمة؟

أعود وأضرب بالوالد المثل فقد علمنا بعد وفاته أنه في بداية حياته العملية كان يذهب مشوار تحميل ركاب للمدينة المنورة بعد الانتهاء من دوام المدرسة؛ لتوفير لقمة العيش لنا. هذا انعكس عليه في نهاية حياته فكان يأتي على اسمه بزكاة تجار، وأغنياء مكة المكرمة، ويوزعها على الفقراء والمساكين، وعندما توفي تأتينا اتصالات عديدة؛ تطالب بالعادة الرمضانية ففوجئنا وعندما سألنا عرفنا قصة هذه العادة الرمضانية.

21- ماذا تودون قوله لسكان الحارة القديمة ؟

أقول لهم رحم الله من انتقل إلى رحمة الله وأتقدم بالشكر على الزمن الجميل معكم.. شكرا على المحبة والعشرة التي استمرت 25 عاما انتقلنا بعدها لحي الخالدية.

حقيقة قد افتقدنا لتلك الأيام الجميلة، وافتقدنا الجلسات والسهرات البسيطة التي كانت تجمعنا. ولكن الجميل و الحمد لله أننا لازلنا نلتقي في لقاءين في السنة للرجال والنساء نسأل الله أن يجمعنا دائماً على خير.

22 – رسالة لأهالي الأحياء الجديدة.. وماذا يعجبكم الآن فيهم؟

الأحياء الجديدة جميلة وترتيبها ممتاز، و لكن للأسف الناس أصبحوا يسكنوا في كتل أسمنتية وفقدنا الإحساس الجميل لجيرة الحارة، وماذا تعني كلمة جار. للأسف الآن الجار قد يسكن أمام جار له سنين و لايعرف من هو..! أو حتى إذا قابله بالصدفة قد لا يرد عليه السلام.. !

آمل أن تعود جيرة الحارة للأحياء الجديدة؛ حتى ننعم بتلك الأيام الجميلة.

23 – كيف تقضون أوقات فراغكم في الوقت الحالي؟

و الله بعد عملية القلب نصحني الأطباء بالمشي وأحاول بقدر المستطاع ذلك.

أما إذا تقصد الآن بعد موضوع جائحة (كورونا) الحمد لله أعاد للأسرة اجتماعها، ونبدأ نسأل عن الأصدقاء والتواصل مع من شغلتنا عنهم أمور الحياة والله المستعان.

24 – لو عادت بكم الأيام م. إبراهيم ماذا تتمنون؟

أعيش مرة أخرى في الحارة القديمة، وأعود لتلك الأيام الجميلة مع جدتي وأبي (رحمهم الله) وخصوصاً أبي الذي ابتعدت عنه منذ أن ذهبت لجدة؛ للدراسة والابتعاث وتوفي وأنا غير متواجد بمكة.

25 – بصراحة.. ما الذي يبكيكم في الوقت الحاضر؟

أبكي على حال الروابط الأسرية وكيف ابتعدت عن بعض..!؟ وكذلك ما يبكيني عدم الوفاء من أشخاص كنا نحسبهم إخوة لنا، ولكن تصدم بالواقع ولا حول ولا قوة إلا بالله.

26 – ماذا تحملون من طرف جميلة في دواخلكم؟

أعود للحارة وأتذكر كيف كانت أيام بسيطة وجميلة لدرجة كنا نتجمع 8 أشخاص مع بعض في سيارة واحدة كرسيدا م 82 ونروح نلعب مباريات. أتذكر كيف كانت تلك السيارة تحمل ثمانية أشخاص..! كلما نتذكرها مع الجيران نضحك عليها.

27 – م. إبراهيم لمن تقولون لن ننساكم؟

أكيد أول واحد أبي، وجدتي، ولا أنسى صديق العمر عماد مغربي (رحمهم الله جميعا ) فقد عشت معهم أجمل أيام عمري في حارتي. و سبحان الله أنا اكتب هذه المقابلة وصلني خبر وفاة احد الجيران (احمد مغربي) أخو عماد رحمهم الله.

وكذلك لجميع جيران الحارة لن أنساكم كانت فعلا أيام جميلة جمعنا الله بكم في خير بإذن الله تعالى.

28 – ولمن تقولون ما كان العشم منكم؟

لكل من دعمه الوالد (رحمه الله) وعندما جاء عليه الدور ليرد بعض الجميل لم يكن وفياً للأسف..!

29 – م. إبراهيم لكم تجربة تعليمية كيف تصفونها؟

نعم وهي ليست تجربة فقط، وإنما درس في الحياة دائماً أذكره لأبنائي وأقول لهم (من لم يستمع لنصيحة والديه سوف يندم في المستقبل) فعندما تخرجت من الثانوية العامة نصحني والدي بالبقاء بمكة وتسجيلي بجامعة أم القرى، ولكن للأسف فورة الشباب ورغبتي للسكن بجدة جعلني أندم على كل يوم ابتعدت فيه عن والدي والحمد لله على كل حال.

و الحمد لله منذ حصولي على الماجستير أعمل في كلية علوم الأرض وفي كل عام يتم تدريس دفعتين من الطلاب في عدة مواد في القسم ولهذا أصبح لي بفضل الله تعالى قاعدة طلابية أفخر بهم يعملون في عدة جهات جيولوجية لخدمة هذا الوطن الغالي.

30 – التسامح والعفو من الصفات الإنسانية الراقية.. تقولون لمن سامحونا.. وتقولون لمن سامحناكم؟

أعود مرة أخرى للوالد -رحمه الله -فقد ربانا على عدم الزعل من أي شخص ولله الحمد أنا ليس لدي موقف من أي شخص وإذا يوجد شخص زعلان مني أرجو منه أن يسامحني خصوصاً في هذا الشهر الكريم وكل عام والجميع بخير.

31 – كلمة أخيرة في ختام لقاء ابن مكة م. إبراهيم قدسي؟

أشكر صحيفة مكة الإلكترونية ممثلة بالأستاذ عبدالله الزهراني و أ.عبدالرحمن الأحمدي على هذا اللقاء الرمضاني الجميل والذي يأتي في أوقات صحية استثنائية عصيبة تمر على العالم أجمع ووطننا الغالي ولله الحمد حكومة خادم الحرمين كان همها الأول والأخير صحة المواطن والمقيم.

حفظ الله وطننا وحكامها و هنا أذكر عبارة علمني إياها والدي – رحمه الله – وأنا صغير (الحمد لله على نعمة السعودية). وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الله يرحمه كان هو المدرسه الاولى في التعليق وكانت له طريقه خاصه في التعليق لم اسمع احد يشابهه في مفرداته وطريقته
    له الحق عندما رفض لان من يعيش في مكه فقط يعتبر السكن في مكه اكبر منصب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى