ناصر محمد العُمري

كورونا …هل تُعيد موقف الطب من النيكوتين ؟

يبدو أن ماقبل كورونا ليس كما بعدها لن يقتصر على جانب دون آخر، بل سيزلزل هذا المرض الغريب كل مجالات الحياة بطريقة تجعل من كوفيد ١٩ تسونامي مدمر يقلب كل ماحولنا رأسًا على عقب.

في اليومين الماضيين، تناقلت وسائل الإعلام بقوة، خبر انكباب خبراء على الحسم القريب في استعمال التدخين ضمن البروتوكول العلاجي من الفيروس القاتل.

يحدث هذا في فرنسا؛ حيث تنطلق التجارب على عينات من المصابين في هذا البلد الذي يبشر أطباؤه بتحول غير مسبوق في عالم الطب،
ففي لحظة فارقة من تاريخ الطب وقناعاتنا الراسخة:
يتحول النيكوتين -العدو القاتل – إلى مشروع دواء صديق، بل قد يكون ناجعًا!!

وإذا ما تم تبني وتعميم هذا البروتوكول، فإننا سنكون حقًّا أمام مفارقة عبثية وغريبة بطلها كورونا التي غيرت كل القوانين، وعبثت بكل المسلمات، وأتت على كل راسخ، وعصفت بكل الأوابد، وقوضت كل المسلمات والنظريات على نحو غير مسبوق.

الضلع الأول لهذا التحول هو الرغبة في العلاج، وضلعه الآخر المصالحة مع السيجارة التي حملّناها، في الأمس القريب، المسؤولية الأولى في أخطر أنواع السرطان فسارعنا بالإقلاع عن معاقرة السيجارة، ونتذكر جيدًا تفاخرنا أمام من حولنا بهزيمة هذه العادة.

لسان الحال يستحضر قول المتنبي:
(وداوني بالتي كانت هي الداء )

الفرنسيون لم يكونوا أول من قارب مسائل العلاج بالنيكوتين، بل سبقتها الصين التي اجتاحها الوباء أولًا، ورغم أن هذا البلد يشكل فيه المدخنون مانسيته ٥٠٪؜ من إجمالي السكان، إلا أن نسبة الإصابة بين المدخنين كانت منخفضة مقارنة بغيرهم.

وكشفت دراسة صينية أن الإصابة بكوفيد-19 بين المدخنين تُقدر بـ 6.5 % وبين عموم السكان تقدر بـ 26.6 %.

وفي أمريكا أبانت دراسة أخرى أن نسبة المرضى المحجوزين في المستشفيات من المدخنين هي 1.3 % مقارنة بنسبة 14 % من السكان عموماً في أميركا.

المفاجأة أن منظمة الصحة العالمية قالت إن ٨٠٪؜ من المدخنين لايصابون بالفيروس!!!

هذه الفرضية لم تكن وليدة اليوم وبالتزامن مع كوفيد١٩، فقد أورد الدكتور إبراهيم الجعفري في مقالة له بصحيفة آراء سعودية ما نصه :(أن موقع بوليتيكو نشر خبراً بعنوان «هل يمكن للتبغ علاج الفيروس التاجي؟
لا تضحكوا»، لقد أشار الخبر إلى أن ذراع البحث الطبي في البنتاغون اعتمد استخدام نبات التبغ في عام 2012م للتطوير السريع وإنتاج 10 ملايين جرعة من لقاح الإنفلونزا).

إنها الخيارات الضيقة التي فرضها كوفيد ١٩ فليس هنا إلا الموت إما بكوفيد أو بسرطان أو اعتلال القلب.

المفارقة تحضر حين نتخيل الذين كانوا خلال الحجر الصحي، يجدون حرجًا في التدخين داخل البيوت، وأمام الآباء، وقد أصبح الكل الآن يطلب منهم التدخين في كل أرجاء البيت، ففي دخان النيكوتين شفاء.

الكوفيد 19 وحده القادر على تغيير العادات، بل هو المرض الوحيد القادر على أن يهدم عالمًا، وإقامة آخر على نقيضه.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button