المقالات

لمسة وفاء في ذكرى رحيل الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز

كثيرون رحلوا عن دنيانا، وتركوا أجمل بصمات الإنجاز والإرث الإنساني الذي لا تمحوه السنوات والأيام، فلهم في القلوب الكثير من المحبة، وفي الوجدان الكثير من الذكريات التي تظل عنوانًا دائمًا ومستقرًا عن بديع ما قدموه في مسيرة حياتهم؛ وذلك مما نستحضره ونحن في ذكرى رحيل أمير القلوب صاحب السمو الملكي الأمير عبد المجيد بن عبدالعزيز “رحمه الله” الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح السبت الخامس من مايو 2007م.

مسيرة طويلة من الإنجازات التي قدمها لوطنه ومواطنيه في جميع المواقع التي عمل فيها، وكان له حضوره الذي أثرى المجتمعات التي خدمها سموه الكريم بكل إخلاص وصدق وتفانٍ، وهو أمير المناطق الثلاث حيث بدأ خدمة الوطن بتوليه إمارة منطقة تبوك، ثم منطقة المدينة المنورة، ثم منطقة مكة المكرمة، وفي جميع هذه المناطق هناك ما يشير بعين التاريخ والحضور العبقري لسموه الذي عرفه مواطنو تلك المناطق، بل ومن مواطني المملكة بأكملها أنه قائد إنجازات ومشاريع عملاقة ولم يوقفه عن ذلك إلا المرض آخر أيام حياته العطرة بحسن السيرة والعمل المخلص والجاد.

وسمو الأمير عبد المجيد كغيره من أبناء المؤسس اعتادوا العمل الدؤوب والصادق من أجل رفعة وطنهم وتلبية احتياجات مواطنيه، وقد ظل سموه على هذا العهد حتى وهو مريض حيث لبّى الدعوات للاحتفال الشعبي به في مدينة جدة، وأصر على قبول الدعوة ليشارك الأهالي، ولكن اشتد عليه العارض الصحي، وكان أمر الله الذي لا حيلة معه، ليبقى في وجدان السعوديين أميرًا محبوبًا في كل منطقة قدم فيها للأهالي ما يطمحون إليه ويسعون لتحقيقه، وبقيت مشاريعه ومنجزاته أنبل واجمل ذكرى وتذكار لأمير لطالما بذل ما في وسعه من أجل راحة ورفاهية المواطنين.

كان اللمسات الإدارية لسمو الأمير عبد المجيد في المناطق التي تولى إمارتها واضحة ومميزة، في منطقة تبوك أسهم خلال سنوات قليلة في تحقيق فارق وتطور عمراني كبير في المنطقة، تمثلت أبرز مظاهره في إعادة تنظيم الشوارع، ومداخل مدينة تبوك، ثم ما لبث أن انتقل بجهده إلى منطقة المدينة المنورة؛ حيث واكب سموه المرحلة الأولى لمشروع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز لأكبر توسعة شهدها الحرم النبوي الشريف، وتطوير المنطقة المحيطة به، وتحديث المساجد التاريخية في عاصمة الإسلام الأولى.

ولم يتوقف عطاؤه الكريم عند ذلك وإنما واصل العمل على التحديث العام في المنطقة وبنيتها التحتية وأنشأ جمعية الثقافة والفنون، والمعرض الدائم للصناعات الوطنية، ومهرجان المدينة للتنشيط السياحي، كما أن سموه أنشأ أول جمعية خيرية بالمدينة المنورة.

وحين صدر الأمر الملكي الكريم بتعيينه أميرًا لمنطقة مكة المكرمة، واصل جهوده الإدارية والوطنية الرائدة وكان له القدح المعلى في تطوير المنطقة؛ حيث ترأس لجنة الحج المركزية التي تشرف على الجانب التنظيمي لموسم الحج، وتبنّى سموه كذلك مشروع الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز لتوطين الوظائف، وأطلق أول مشروع لرعاية المسنين في محافظة جدة، ولجنة لتطوير خدمات الإسعاف، ورأس مجلس الفروسية بمكة المكرمة، والهيئة العليا لتطوير منطقة مكة، ومجلس تطوير الخدمات الصحية بمكة، وغير ذلك من المهام العظيمة في الديار المقدسة، إلى جانب مشاريع التطوير الاقتصادي في منطقة مكة المكرمة.

وامتد عطاء سمو الأمير عبد المجيد إلى الرياضة التي كانت من ضمن هواياته؛ حيث تم تعيين سموه رئيسًا للجنة تطوير الرياضة وكرة القدم في السعودية، ليقدم جهده وفكره في كل ما يخدم الوطن، وظل على ذلك إلى أن انتقل إلى جوار ربه راضيًّا مرضيًّا بإذن الله، وفي قلوب كل السعوديين له محبة ولمسة وفاء مع كل بصمة وإرث خلفه سموه يبقى عنوانًا عريضًا لعظمة الرجال وحسن صنائعهم في وطننا الغالي وحياتنا التي تطورت بفضل الله ثم بدور العظماء مثل سمو الأمير عبد المجيد سائلين الله أن يتقبله أحسن القبول، ويكفينا فخرًا أن ترك بيننا ابنه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبد المجيد بن عبد العزيز امتدادًا؛ لذلك الجيل القيادي الذي لا يزال يتحفنا، ويلهمنا في معركة البناء الوطني والعطاء الإنساني الذي نفخر، ونعتز به ما حيينا.

Related Articles

One Comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button