أحمد حلبي

غاب “ماء زمزم” وتطبيقه

قبل حلول شهر رمضان المبارك بأيام نشرت هذه الصحيفة خبرًا على لسان معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، زف فيه “البشرى لأهالي مكة المكرمة، عن صدور التوجيهات الكريمة بإعادة تشغيل مشروع الملك عبدالله لسقيا زمزم بالتنسيق مع وزارة المياه، والشركة الوطنية للمياه، لتوفير ماء زمزم المبارك لأهالي مكة المكرمة (عن بُعد) وبدون التجمع من خلال عدة تطبيقات لخدمة التوصيل للمنازل فقط”، ويومها استبشر الكثيرون خيرًا.
لكن هذه البشرى لم تظهر فقد حل شهر رمضان المبارك ولم يتم العمل على تنفيذ التطبيق، فكتبت في 28 شعبان 1441 هـ مقالًا تحت عنوان “متى ينفذ تطبيق ماء زمزم ؟”، تساءلت فيه عن موعد تنفيذ التطبيق، وكنت يومها آمل أن يظهر التطبيق أوائل الشهر الكريم كأقصى حد حتى يتمكن سكان مكة المكرمة من تناول ماء زمزم في إفطارهم مع أيام الشهر الكريم، كما هي عادتهم في كل عام، غير أن الأمل غاب ولم يظهر التطبيق!
وفي الثاني من رمضان 1441هــ نشرت هذه الصحيفة خبرًا على لسان الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية المهندس محمد بن أحمد الموكلي ذكر فيه أنه “تلبيةً لطالبي المياه المباركة عملت شركة المياه الوطنية المشغل الرسمي للمشروع على التعاقد مع منصة “هناك” الإلكترونية لتمكين الراغبين في الحصول على المياه المباركة إلكترونيًا، وإيصالها إلى منازلهم وفق المواصفات المتبعة في النقل الجوي، بالإضافة إلى توقيع اتفاقية مع شركة “بندة” للتجزئة تنص على تزويدها بكميات لعبوات ماء زمزم ووضعها في جميع فروعها داخل المملكة”.

ربما لو حمل التطبيق اسم “هنا” لكان أقرب وأسهل، لكنه جاء بـ “هناك” للبعد والصعوبة، التي ظهرت بوضوح، ويبدو أن له من اسمه نصيب.

فالتصريح وإن جاء كبلسم يشفي شوق الكثيرين لماء زمزم وبشرى جميلة لهم، لكونه سيوفر ماء زمزم بنظامين الأول التطبيق الإليكتروني، والثاني عن طريق مركز تجاري، غير أن الشوق زاد والبشرى خابت؛ لأن فروع شركة “بندة” لا تغطي جميع أحياء مكة المكرمة، فإن رغب أحد سكان المعابدة مثلًا الحصول على عبوة واحدة فعليه التوجه لفرع الشركة بالعوالي، وهو ما يعني خروجه من النطاق السكني له ودخوله لحي الششه ومن ثم العزيزية وبعدها العوالي وهذا غير ممكن.

أما إن كان من سكان حي الهجرة فليس أمامه سوى اتجاهين، الأول بالعوالي، والثاني بحي الملك فهد “الإسكان”، وهذا غير ممكن لكون الفرعين خارج نطاق سكنه، فكيف يحصل مثل هؤلاء المواطنين على عبوة ماء زمزم ؟

وهنا يطرح السؤال الأول لماذا انحصرت عملية توزيع ماء زمزم على شركة واحدة، ولا تتوفر بها الكميات الكافية ؟
ولماذا لم يفسح المجال أمام الآخرين لتوزيعه؛ خاصة وأن هناك فروعًا تغطي جل أحياء مكة المكرمة ؟
أما التطبيق الإليكتروني فحدث ولا حرج، فلم يأتِ بفائدة جيدة للمستهلك، لكونه مرتبطًا بمنصة تعمل لصالح منتجات تجارية أخرى يتم تسويقها عبر المنصة، وهو ما يعني أن المنصة لم تكن خاصة بماء زمزم، كما هو الحال في المنصات الأخرى المتخصصة مثل منصة “غاز”، أو منصات مطاعم الوجبات التي انحصرت خدماتها على منتجها الرئيسي، ولم يظهر أي منتج غيره، هذا أولًا.

أما ثانيًّا فإن المبالغ التي يجنيها الموقع لقاء إيصال ماء زمزم لهي مبالغ فيها، فإن طلبت على سبيل المثال أربع عبوات قيمة الواحدة منها خمسة ريالات فإنها تباع مع التوصيل بواحد وخمسين ريالًا، أي بزيادة قدرها واحد وثلاثين ريالًا، وإن طلبت باسم زوجتك أو أحد أبنائك فإنهم يأخذون عن كل فرد واحد وخمسون ريالًا !
فلماذا لم يتم التحديد لسعر ثابت لكل عبوة، تضاف إليه تكلفة الإيصال، ويكون التوزيع عبر منصة خاصة بماء زمزم، يلتزم فيها المتعهد بعدم عرض أي منتج آخر، وتأمين سيارات خاصة مغطاة لإيصال العبوات، ويوضع رقم هاتف لتلقي الشكاوي.

أما أن يكون توزيع ماء زمزم بهذا الأسلوب وهذه الطريقة، فمن المؤكد أن شهر رمضان سينتهي، ولن يتمكن الكثيرون من الحصول على ماء زمزم.

Related Articles

One Comment

  1. بارك الله فيك وسدد خطاك وجزاك الله خير الجزاء على ماكتبته عن هذه المعاناة والمبالغة في سعر العبوة من ماء زمزم وطريقة توزيعها وجعل كل ذلك في ميزان حسناتك حسناتك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button