اطلعت على تقرير إحصائي مفصل عن التقنية في المملكة العربية السعودية، وأتمت الأعمال صدر باللغة الإنجليزية من قبل أحد دور الخبرة في شهر مارس من هذه السنة. يتحدث التقرير عن جوانب متعددة في التقنية واستخداماتها؛ ولعلي في مقال قادم أشارككم بعض هذه الأرقام كي نثمن جميعًا حجم التقدم التقني الذي وصلنا إليه بسبب ما تقدمه الحكومة الرشيدة من دعم لهذا القطاع. كذلك يتحدث التقرير عن التركيبة السكانية في المملكة العربية السعودية من عدد الأسر متوسط أفراد الأسرة الفئات العمرية ونسبة الذكور والإناث. ولكن ما لفت انتباهي في هذا التقرير، -ولعله ليس بجديد لكثير من القراء- هو نسبة الشباب ذكور وإناث من إجمالي التعداد السكاني؛ حيث ذكر التقرير أن ٥٠٪ من عدد السكان هم دون الثلاثين سنة.
هؤلاء هم جيل الرؤية، ونحتاج أن نكيف أنفسنا بما يتماشى مع أسلوب حياتهم، ونمط تفكيرهم لا أن نكيفهم على ما نحب نحن. فهم الأغلبية ولديهم إمكانات هائلة ونمط في التفكير يختلف عن نمط عيشنا وتفكيرنا؛ لذلك يجب على أرباب الأعمال والشركات ومؤسسات الدولة النظر بعمق وتلمس احتياجاتهم في بيئة العمل. فهؤلاء الشباب يبحثون عن بيئة العمل التي تتناسب مع إمكاناتهم وطموحهم ونمط تفكيرهم. فتجد نسبة تسرب الموهوبين في قطاعات الأعمال جدًّا مرتفعة في هذه الشريحة بسبب أن بيئة العمل غير مناسبة لهم. بل إن البعض منهم تجده يتنقل بين أكثر من شركة في سنة واحدة إلى أن يجد ضالته بغض النظر عن حجم وسمعة الشركة. ومن أهم مكونات بيئة العمل هو الرئيس المباشر ومن المتعارف عليه أن المواهب تغادر بسبب رؤسائهم وليس الشركة. فالاعتداد بالرأي والانفراد باتخاذ القرار، وخلق بروتوكولات طبقية، والمحاباة في تقييم الأداء والترقيات والتنمر وعدم تقبل الأخطاء في المهام الموكلة لهم؛ كل هذا كفيل بتسرب المواهب من الشركة. أما إذا كان الرئيس خلاف ذلك كله، فهو كفيل بتقليل تسرب الموهوبين من الشركة بنسبة عالية جدًّا. والنسبة الضئيلة منهم قد تغادر لأسباب أخرى متعلقة بالتدرج الوظيفي والحوافز وبالمناخ العام لمكاتب العمل، والتجهيزات المتوفرة به، والتي تناسب احتياجاتهم.
لذلك فإن الشركات ومؤسسات الدولة إذا أرادت المضي قدمًا في تحقيق أهدافهم فإنهم أمام ثلاثة خيارات: إما الاستجابة لمتطلبات هذا الجيل في خلق بيئة العمل المناسبة لهم مهما استجدت؛ وإما تجاهلها وعدم الاستجابة لما يتطلعون له في بيئة عملهم؛ وفرض النمط التقليدي في العمل عليهم، وهذا الخيار مكلف جدًّا أكثر بكثير من تكييف بيئة العمل لهم. فالثمن قد يكون الإخفاق في تحقيق الأهداف المرجوة للشركة. فمن الحكمة عدم المجازفة باتخاذ هذا القرار.
أما الخيار الأمثل فهو تمكين هذا الجيل من الأخذ بزمام الأمور وإعطائهم الأدوار القيادية؛ كي يخلقوا بيئة العمل التي تناسبهم للابتكار، والإبداع والإتقان. فنحن راهنا العالم أجمع على تحقيق رؤية ٢٠٣٠ بسواعد هذا الجيل. فلنفسح لهم المجال؛ وليغادر طوعًا أو كرهًا كل من يقف عقبة في طريقهم للنهوض بهذا البلد إلى مصاف الدول المتقدمة.
طرح الاخ فايز ينم عن فهم عميق للمشاكل التي تؤثر على قدرة قطاعات الاعمال على خلق قيمه اعلى. عندما يحفز الموضفين في بيئه عمل صحيحة تتحقق انجازات غير مسبوقه لان الدافع الاساسي هو الولاء المطلق .