هناك علاقات إنسانية متنوعة، وكل صلة فيها واضحة جلية مثل: الأب، والابن، والأم، والابنة، والزوج، والزوجة إلى آخر العلاقات، ولكل صاحب علاقة حق على الطرف الآخر إلا علاقة واحدة ظلمت صاحبتها، وهضم حقها، وصورت نمطيًّا من الإعلام بأنها إنسانة شريرة، وانتهازية وعدوه في كثير من الأحيان، وهذا كلام غير صحيح أبدًا ومرفوض شرعًا وغير مقبول منطقيًّا.
إنها أم الزوجة أو كما يحلو للبعض تسميتها الحماه، هذه الإنسانة التي تقوم مقام الأم للزوج فهي جدة الأبناء، وهي أكثر إنسانة تحرص على تماسك حيطان بيت ابنتها وثبات أرض هذا البيت بنشرها الألفة والمحبة بين أفراد الأسرة، بل هي من تعلم ابنتها حسن التبعل لزوجها، وتبني جدار حماية لأسرة ابنتها، وتحاول جاهدة في تعظيم شخصية زوج ابنتها، ورفع قدره بين أفراد أسرتها أي أخوان، وأخوات الزوجة، وأقاربهم فمن اين اتى ظلم هذه الشخصية المهمة في ترابط، وبناء الأسرة، والتي بدونها يكون فراغ كبير في أساس البيت، وحتى إذا قام البناء فإنه يحتاج من الزوجة القيام بأدوار متعددة لكي تغطي نقص تواجد والدتها في المشهد الأسري.
والدة الزوجة هي شخصية مقدرة، ومحترمة، ومحبوبة على مدى العصور إلى أن تدخل الإعلام عبر الأفلام والمسلسلات، وبدأ يكرس لفكرة معادات هذه الشخصيه التي زور دورها الأسري من داعم ومساعد عاطفي ومعنوي إلى عدو متدخل في الشؤون الخاصة للزوجين، وهذا ادعاء باطل لأن الشأن الخاص للأسرة بني على أكتاف، وترتيب يد هذه الأم الحبيبة منذ أول يوم خطب الخاطب ابنتها، فهل من المعقول أن تكون هذه الخبيرة والحكيمة تسعى لهدم ماقامت هي ببنائه. وفي الإسلام كرم الله أم الزوجة بأن جعلها محرم أبدي لاتنتهي علاقتها بزوج ابنتها حتى لو انتهت علاقة الزوج بالزوجة، تظل هي بعلاقة شرعية ثابتة مع زوج ابنتها وربما والد أحفادها. وأنا هنا أخيب بكل زوج أن يراعي الله في والدة زوجته فهي مقام والدته، كما أوصيه بإكرامها والتودد إليها، ولايلتفت لأقوال وآراء المدلسين والمزورين للصورة الذهنية لشخصيه لها مقام كبير في المكون الأسري، بل والمكون المجتمعي. فتحية من القلب لكل أم زوجة قامت بدورها كامل في توطيد قواعد بناء أسرة ابنتها، وتولت ترتيب شخصية ابنتها، وتهيئتها لتكون أم صالحة، تربي جيلًا إسلاميًا أصيلًا يمتلك ملامح متميزة بين شعوب الأرض؛ وصولًا لجنات عرضها السماوات والأرض. عزيزي القارئ أنا أعلم أنك تقول والدتي أحق بالبر والتكريم، نعم أنا أوافقك الرأي، وبر الوالدة واجب، بل من أوجب الواجب، وهي المقدمة على أي إنسان، ولكن واجب أم الزوجة ياتي بالمرتبة الثانية، والثاني ترتيب متقدم وله حقوق تكاد ترتقي لحقوق المركز الأول، والتوالي لايلغي ميزات صاحب المركز الثاني، بل هو مكرم، وله ميزات كثيرة ربي يديم المعروف بين المسلمين في جميع علاقاتهم، وبجميع أشكالها، وجعلنا جميعًا موفقين ومسددين في جميع حقوقنا حيال من ربطنا الله بصلة رحم معهم، وهذه الصلة من أكد العبادات التي لايكتمل إسلام أحدنا بقطعها أو إهمالها، وحقوق أم الزوجة، وتكريمها والعطف عليها لايقل شأن من صلة أرحامنا، بل إن صلة الرحم واجب، وفرض وصلة أم الزوجة نافلة مندوب إليها أي زيادو في الخير. إخواني أكرموا امهات زوجاتكم، وألبسوهم تاج المحبة، والكرامة سيرتد ذلك على سعادتكم الأسرية بالازدياد .. هذه كلمات خطها قلمي، ونبعت من فؤادي لكي أحق حق صاحبة حق في مجتمعنا الإسلامي المتوازن؛ لكي نكون سدًا منيعًا لصد أي أفكار يريد غيرنا فرضها علينا فنحن نستمد شؤوننا الحياتية من شرع الله المتكامل، والذي يرفض الانتقاص والتقزيم. والله من وراء القصد.