هناك أناس كبار .. كبار .. وإن رحلوا عنّا .. إلا أنهم بما تركوه لنا من أرصدة عظيمة .. سواء كانت قيمية أو فكرية أو إنسانية .. يظلون معنا جيلًا بعد الآخر.
ومن هؤلاء الرجال .. فقيد الوطن الغالي .. الدكتور عاصم حمدان، يرحمه الله رحمة الأبرار ويسكنه الجنة .. ويكفيه تكريمًا من رب العزة والجلال .. أن أختاره إلى جواره في هذه الأيام المباركة.
فقد عرفته – يرحمه الله- في وقت مبكر .. وتحديدًا عندما كان يدرس بجامعة أم القرى طالبًا .. وكان يملك حسًّا أدبيًا ملفتًا وغرامًا مبكرًا بالقراءة .. وحبًا للتاريخ .. واهتمامًا بالمدينة المنورة التي وُلد فيها وعاش حياته الأولى فيها .. عرفت كل هذا بعد أول زيارة قام بها لي أثناء عملي في جريدة المدينة .. بمطابع الأصفهاني، ولم أتردد في تقديمه للأستاذ محمد صلاح الدين (مدير التحرير آنذاك) -يرحمه الله- فحظي منه بالتشجيع ووافق على دعوتي له بالكتابة في الجريدة؛ حيث رحب به وشد على يديه بعد أن استمع إليه وتعرّف على اهتماماته الثقافية المبكرة.
وبالفعل فقد انخرط عاصم حمدان في كتابة عدة مقالات لفتت النظر إليه حتى قبل أن يسافر إلى لندن لمواصلة تعليمه، وهكذا كانت بدايته كاتبًا في الجريدة التي أحبها واستمر معها يكتب بعمق .. جنبًا إلى جنب عمله الأكاديمي وإصدار العديد من المؤلفات العلمية .. بالتركيز على تاريخ المدينة المنورة وملامح الحياة فيها، وكذلك طرق مجالات النقد الأدبي وتعمق في بحور اللغة العربية وآدابها.
ورغم محاولاتي المتكررة لاستقطابه للكتابه في عكاظ إلا أن الفقيد.. وبأدبه المعروف كان يعتذر باستمرار، مكتفيًا بالصحيفة التي بدأ فيها كما بدأت تجسيدًا لخلُق الوفاء عنده .. وتعزيزًا لعظمة الانتماء الراسخ لمسقط رأسه -مدينة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام -.
والدكتور عاصم .. لمن لا يعرفونه .. فإنه وإن كان مثقفًا وصاحب حجة في الجوانب التراثية .. واللغوية بشكل خاص .. إلا أنه يملك حسًّا سياسيًّا تحليليًّا قل أن نجده حتى عند بعض المتخصصين في علم السياسة.
وترجع اهتماماته السياسية إلى الفترة التي عاشها في إنجلترا لإحراز درجة الدكتوراة.. وانغماسه في الواقع السياسي الذي عاشته أوروبا وبريطانيا على وجه التحديد.
ويمكن لي القول إنه كان حجة في دراسة وتحليل السياسات الأدبية والخروج بآراء تجمع بين المنهجية العلمية في التفكير، وبين قراءة المستقبل لكل دولة من الدول؛ وكأنه خبير في الشؤون السياسية.
وكثيرًا ما كان حوارنا ينصب على هذا الجانب في كل مرة كنت أراه فيها، وبالذات بعد تعزز معرفتي بالأستاذ علي الحسون الذي عرفته قبل ذلك زميلًا في جريدة المدينة من مكتبها في المدينة المنورة.
وتعززت علاقتي به أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة من خلال اللقاء الأخوي الذي يجمعنا كل أسبوع بمنزل أخي وصديقي المستشار القانوني والكاتب المتميز محمد عمر العامودي؛ حيث تجتمع الصفوة.. ويتبارى الجميع في مختلف أنواع الأحاديث الأدبية والثقافية .. وتكون للمرحوم اليد الطولي في إشباع عقولنا بكل مفيد وجديد .. وعندما نفقد إنسانًا بهذا الحجم .. وعلى هذا المستوى من الخلق والثراء والقرب فإن الحزن يكون عظيمًا .. لكن هذا قضاء الله وقدره وليس أمامنا إلا التحمل والتصبر والدعاء له.
لماذا لا يتم تمجيد الكبار والعلظماء الا بعد رحيلهم فيتم تسمية المدارس بأسمائهم والطرق والشوارع !!
ان كان من أجل أن يخلد ذكرهم فهم عظماء والعظام قد ورثوا لمن خلفهم أرصدة تكفيهم أزمة عديدة واعوام مديدة والحديث عنهم بعد موتهم لا يقدم ولايؤخر
من وجهة نظري المتواضعه وما أتمناها ان نقدم لمن على هذا النهج وان نقدم لهم موضوعات كهذه وان تسمى المسميات وهم أحياء على قيد الحياة فنسعدهم
شكرا لك د/هاشم عبدة هاشم
ما ان يتم كتابة اسمكم يتبادر للجميع علاقتكم بالصحف الورقية فكم خدمتم المجتمع ونقلتم لهم نقله نوعيه ساهمت في تثقيف المجتمع ووعيه