الكوارث الطبيعية والأوبئة عندما تنتشر فإنها تلحق أضرارًا جسيمة بالبشرية، كما هو حاصل اليوم في الأضرار التي ألحقها فيروس كورونا المستجد المعروف علميًّا باسم (كوفيد- 19).
كما تشير التقارير إلى أن عدد المصابين حول العالم حتى كتابة هذا المقال قد وصل إلى حوالي (أربعة ملايين) مصاب، وأن عدد الوفيات قد تجاوز (ثلاثمائة ألف) شخص، عدا عن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالكثير من الدول في مختلف المجالات.
وإذا نظرنا إلى استجابة الدول لمواجهة هذه الجائحة نجدها مختلفة، وقد تتفاوت من دولة لأخرى.
والمملكة العربية السعودية من الدول التي اتخذت الكثير من التدابير لمواجهتها، وقد أظهر المجتمع السعودي تلاحمًا كبيرًا مع قيادته السياسية من خلال الالتزام التام بتطبيق التوجيهات السامية، والتي من ضمنها الحجر الصحي، وهي فرصة وفرت وقتًا كافيًّا للمجتمع ككل وعلينا أن نستفيد من هذا الإجراء لزيادة الروابط الأسرية وتقوية أواصر المحبة والإخاء والتقارب فيما بيننا، والتحاور والتحدث، وطرح الأفكار والآراء والتطلعات والتفكير في المستقبل مع جميع أفراد الأسرة، وفرصة لمعرفة المشكلات الأسرية وحلها، ومراجعة الأخطاء والسلبيات وزيادة الثقافة والاطلاع والقراءة، وتعزيز المهارات، ومعرفة واكتشاف مواهب الأطفال، والتعرّف على الصعوبات التي تواجههم في حياتهم الدراسية والتعليمية.
كما أنها فرصة لتعزيز سلوك المجتمع والأبناء بالالتزام واحترام القوانين والتعليمات، وجعل الآباء قدوة في هذا الجانب، ومعرفة طرق جديدة للتسوق والحصول على حاجياتنا عبر تطبيقات الإنترنت التي أصبحت متاحة للجميع.
إن الجميع في مثل هذه الكوارث تقع على عاتقهم مسؤولية مواجهتها كلا في موقعه ومكانته وإمكاناته، وهو التحول الذي رأيناه واضحًا في مهام الشرطة الذي تحول فيه رجل الشرطة إلى مهام أخرى تهتم بصحة المواطن، والمحافظة على سلامته.
ينبغي على الجميع الالتزام بالتعليمات الصادرة من الجهات الحكومية من خلال الالتزام بالحجر الصحي، والمحافظة على التباعد الاجتماعي، واتخاذ التدابير اللازمة من خلال التعقيم والإبلاغ عن أي حالة قد تظهر دون خجل أو خوف.
الجميع معني بمواجهة الجائحة فليست مسؤولية الحكومة فقط، فكل فرد في المجتمع عليه أن يتحمل مسؤولياته لمنع تفشي الوباء، وحتى لا تكون مصدرًا لنقله إلى الآخرين، والإضرار بهم.
إنه أسوأ غزو تعرضت له البشرية من عدو تحمله لأهلك وأقاربك في يديك أو ملابسك، وتنقله إليهم عبر التعبير لهم عن حبك وتقديرك لهم من خلال اللمس أو المصافحة أو القبلات وغيرها من الطرق التي يعبر بها المرء عن مشاعره نحو أبنائه وأقاربه، دون أن يدري أنه يضع على خدودهم قبلة الموت، أو مصافحة قد تؤدي إلى معاناة طويلة.
فعلى المرء أن يكون عند مستوى المسؤولية وأن لا يصبح مصدرًا لأذى الآخرين وسببًا لمعاناتهم، وربما تعجيل خروجهم من الحياة الدنيا.