المقالات

إسدال الستار

ماهي خبرتك في إسدال الستار؟
انطلقت تلك الدلالة من أروقة المسارح وعُرفت هناك مع وضوحها كمعنى مفرد ولكن ارتبطت بالمسرح وقصص تلك الخشبة وتلكم الروايات التي تحتضنها روح الزوايا الضيقة فتحكّمت كثيراً في إبراز نهاية ما كنت تراه وتعيشه وما صرت اليه في طريق العودة للحقيقة بلا تمثيل ولا خيال، وبمجرد إسدال الستار يعني أنك خرجت من ذلك المستوى إلى مستوى آخر وغادرت ذلك العالم بكل تلك الأحداث وتلك التفاصيل، لتقيم في أرض الواقع كأحد أبنائه وفردا في رعيته.
في نهاية الستار عبارة تقول لك: قبل هذا “كنت هنا” فتكتشف أنك كنت هناك حيث بكيت على ذلك الحدث المحزن واستبشرت حين ارتفعت راية الحق وانتصر المظلوم وتطاولت فرحتك حين كبر ذلك الطفل وأصبح شابا يمكن الاعتماد عليه وعشت العاطفة بكل ما تمليه حين تقارب العشاق بعد الفرقة والتم الشمل بعد فراق وعشت لحظة الوداع التي جسدتها تلك الشخصية بكل تفانٍ وإخلاص.
لم تتمالك نفسك أن تتمنى أن يكتمل الحب في نفوس المتحابين وتردم الهوة في ذلك النزاع بل وربما دعوت الله وألححت في الدعاء.
لا تخفي انبساطك كذلك حين تفككت تلك الشبكة الملعونة والتي كانت سبباً في استطالة الشر في ذلك المجتمع وكانت سبباً في تغيير مجرى العدالة بسبب فساد من يشرعها أو من ينفذها.
كنْ شجاعاً كذلك واعترف أنك ربما ساعدت من كان بجوارك في تجاوز ذلك المشهد المحزن وربما “طبطبت” على روحه لتخرجه من نوبة البكاء التي تجتاحه.
كل هذا أخرجك من الحالة الثابتة إلى الانفجار الكبير ومن ذلك الهدوء إلى إقحام نفسك بكل برود في ذلك الانفجار وأصبحت جزء من تلك المشاهد بطريق أو بأخر فأنت تمازجت من النص والشخوص والأفكار والمشاعر وربما أكثر ممن يتصنّعها لجذبك، وتعمّقت في تلك الحبكة حتى بات كاتبها مقصراً في خلق قصة تتمنّع عليك بلوغ الامتزاج.
هذا وما يخفي صدرك أكثر من عبثية صارخة في تخلخل الأعصاب وتضارب في مصالحها وعملها وتغيير كبير في نشاطها ولو قام” النير ولوجيا” بالبحث في عمقك تلك اللحظة لخرج بنتيجة تعفيك من عملك أو سحب جميع الصلاحيات المرتبطة بإصدار القرارات واي سلطة تملكها فانت حينها فاقد للأهلية.
هكذا يصنعك المشهد وهكذا يعمل فيك الخيال أو لنقل هكذا تصنع في نفسك باختيار، والجميل في هذا أن كل ما سبق ينتهي تماماً بلا آثار جانبية أو تبعات بعدية بمجرد أن تسدل الستار وينتهي ذلك العرض فيعود قلبك إلى قواعده، وكل ذلك بسبب ذلك الستار الجميل الذي قد يكون أحيانا منقذاً من الهلاك الذي أدخلت نفسك فيه وكأنه استيقاظ من كابوس تقطعت معه الآمال وانتهى فيه الرجاء.
وبعد هذا الميل والجنوح من جهة والحياة التي منحها لك ذلك الستار من جهة أخرى هل تفكر باستنساخ ذلك القماش؟
أرى والرأي لك أن تحاول معي في هذا، فهو سحري النتائج بليغ الأثر وإلا كيف له أن يصنع حياة ربما كانت على مشارف الهلاك قبل دقائق، كما يمكن الاستفادة في أشياء كثر مثل إسداله على الماضي الذي يحمل في طياته الكثير من الدموع وشيء من الانكسار.
ربما كذلك يمكن إسداله على صداقة لا تستحق ذلك المسمى أو هي على هامش الصداقة، وربما كذلك يمكن إسداله على ما يشبه قصة حب لم تجلب لك إلا معاقرة السهر وشتات الأمر.
كذلك يمنك إسداله على طموحات تحطمت على صخور الواقع ليكون باعثاً لطموحات أخرى قابلة للتحايل على تلك الصخرة.
وربما يمكنك استغلال ميزة الستار والإسدال في بعض الأفكار القديمة والتفاكير السقيمة فتعفيها من الخدمة وتطلب من سماحتها الاستئذان.
أخيرا.. لديك ولدينا الكثير مما يحتاج تقنية ذلك الستار وربما تزيد الحاجة أكثر مع ما يفت قلبك أو ينتقص من عقلك أو يحاول النيل من مقدراتك.
غرد بـ تقنية الإسدال ترتفع حاجتها بقدر طلب الهدوء وتزيد قيمتها بقدر افتقاد السكون والراحة. أنت من يحدد تلك الحاجة..

—————-

@ryalhariri

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button