برحيل الشيخ صالح كامل يفتقد الوطن رجلًا كبيرًا من رجال الاقتصاد، ورائدًا بارزًا من رواد الإعلام ورمزًا عظيمًا من رموز البر والإحسان..فقد فهم -رحمه الله- جوهر رسالة الدين، وعمل على تحقيق مقاصد الإسلام حين جمع ما بين تعمير الحياة الدنيا وحسن الادخار للحياة الآخرة.. لقد اختاره الله إلى جواره الكريم في ليلة مباركة من ليالي العشر الأواخر من رمضان، وهو كان قائمًا يصلي خاشعًا متضرعًا متقربًا إليه سبحانه وتعالى..
كان منفتحًا على جميع أطياف المجتمع، عالمه وبسيطه، كبيره وصغيره، غنيه وضعيفه..
وكان -رحمه الله- حريصًا خلال رئاسته لمجلس إدارة غرفة جدة على توثيق الصلاة ما بين الغرفة وفرع وزارة الخارجية بجدة، الأمر الذي ساهم كثيرًا في تعريف التجار ورجال الأعمال بالنظم والتعليمات وفي تيسير المعاملات لهم،
وكان رحمه الله يحتفي سنويًّا في رمضان في غرفة جدة بالسلك الدبلوماسي لينقل للقناصل العامين والدبلوماسيين، من جهة، المنظور الإسلامي تجاه نشر معاني السلام والإخاء والمحبة بين الأمم والشعوب على اختلاف أعراقها وتباين معتقداتها وثقافاتها، ومن جهة أخرى؛ ليفسح المجال أمام تبادل المعلومات الهادفة إلى توسيع آفاق التعاون التجاري والاقتصادي والسياحي.
لقد تعززت صلاتي بالشيخ صالح أكثر حينما عملنا سويًّا في مؤازرة نادي الوحدة بمكة المكرمة، ومع علمي بأن الكورة ليست من ضمن اهتمامات الشيخ صالح، إلا أنني وجدت على أثر رحيل معالي الدكتور محمد عبده يماني رئيس هيئة أعضاء شرف نادي الوحدة آنذاك، الذي برحيله فقد النادي أكبر داعم له، وجدت أن الشيخ صالح هو الشخص الأنسب ليحل مكان الدكتور محمد عبده يماني في رئاسة الهيئة، وبالفعل فاتحت الشيخ صالح بالموضوع فقلت له: أعلم أنكم لا تهتمون كثيرًا بالكورة، ولكن أعلم أيضًا ما تمثله مكة المكرمة لكم وحبكم وعشقكم لكل ما ينتمي لمكة، كما أعلم العلاقة الحميمية التي تربطكم بأخيكم وصهركم المرحوم الدكتور محمد عبده يماني،
فأرجوك من أجل مكة وأهلها ومن أجل الدكتور محمد عبده يماني أن تقبل رئاسة أعضاء شرف الوحده لأني لا أرى أحدًا يستحق أن يجلس على كرسي الدكتور محمد عبده غيرك.
وشرحت له دور الأندية في خدمة المجتمع وفي احتضان النشء والشباب ورعايتهم وتوجيههم؛ ليكونوا مواطنين اصحاء صالحين لخدمة بلادهم.
بعد برهة من التفكير رد علي قائلًا:
“أنت تعلم أنني لا أهتم بالكورة، ولا أتابع أخبارها بتاتًا، وكنت دائمًا أقول لأولادي لا دخل لنا بالكورة ..
ولكن من أجل مكة وأهلها، ومن أجل محمد عبده، ومن أجلك أنت أيضًا سوف أقبل العرض”.
وكان ذلك أجمل خبر تلقته جماهير الوحدة.
كان -رحمه الله- يعرف أنه من ضمن طموحاتي التي كنت أنوي تحقيقها خلال إدارة فرع وزارة الخارجية بجدة هو إنشاء نادي دبلوماسي في جدة، ولكن لم تساعدني الظروف، لذلك بعد أن تقاعدت تبنى -رحمه الله- فكرة إنشاء النادي من قبل الغرفة، وبالفعل دعاني وتم تشكيل فريق عمل لوضع المخططات اللازمة لإنجاز المشروع، وبدأنا بعقد عدة اجتماعات برئاسته.. غير أن تطورات الأحداث حالت دون استكمال المشروع..
رحم الله شهبندر التجار ورائد الاقتصاد الإسلامي الشيخ صالح عبد الله كامل، وبارك في ذريته التي أثق أنها سوف تواصل السير في طريق الخير والعطاء على خطى والدهم وجدهم (ذرية بعضها من بعض).
رحم الله الشيخ الجليل صالح كامل رحمة الأبرار..اللهم يمن كتابه ويسر حسابه..اللهم تقبله عندك، وأحسن وفادته، وارفع درجاته.
والحمد لله على قضائه وقدره.