في الوقت الذي يتعفف فيه عدد من الفقراء المعوزين من السؤال نجد أشخاصًا حالتهم المادية فوق المتوسط إن لم تكن ممتازة نجدهم يزاحمون المحتاجين بوقوفهم على أبواب أهل الخير من كبار التجار الموسرين؛ لطلب الزكوات والصدقات رغم أن لديهم الكثير من الأموال والعقارات والأعمال … ومع ذلك يدّعون الحاجة ويزعمون تورطهم بالديون الكبيرة وتعرضهم للمشكلات وغير ذلك، وأن لديهم من الوثائق مايثبت ذلك مستغلّين الوقت مستدرّين العطف، دون أن يفكروا بأن ما يحصلون عليه يُعد خلسة ودناءة؛ لأنها تأتي على ما كان سيعطى للفقراء المحتاجين من الزكوات التي شرعها الله وحث المقتدرين على تخصيصها للأصناف الثمانية المحددة كما جاء في الآية الكريمة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيل)،
لكن أولئك الذين يحركهم الطمع لا يهمهم سوى الحصول على المال بأي وسيلة كانت مشروعة أو غير مشروعة، فهم يتفنّنون في إيجاد الطرق التي تمكنهم من ذلك، معتقدين بأنها من أساليب الذكاء والدهاء. فالمال غاية بالنسبة لهم دون النظر إلى الحلال والحرام فذلك أبعد ما يكون، وقد يشرِّعون لأنفسهم بأن ما يقومون به لا إثم فيه طالما يحقق لهم المال الوفير.
فهذه الفئة أرخصت نفسها بهذه الممارسة الوضيعة ومن كان هذا شأنه فمن الواجب على المجتمع أن يعرّفهم بقبح فعلهم، بل جرمهم في حق المستحقين لتلك الزكوات والصدقات بموجب قول الرب الكريم.
ومن واجب من يخرجون الزكاة التحرّي لمن تعطى فأولئك ليسوا من المحتاجين، بل من المحتالين ولعل صدّهم لا يدخل في النهي، بل يعتبر مطلبًا لتعدّيهم على حقوق غيرهم. وما نراه من مبالغ الزكاة المقدرة يمثل رقمًا كبيرًا جدًّا، ومع ذلك فإن أحوال الأسر الفقيرة لم تتعدل بالصورة التي نتمناها ولعل أحد أهم الأسباب دخول هؤلاء المحتالين، واستحواذهم على جزء كبير منها بطرقهم الممقوتة مما يتطلب التدقيق ممن يخرجون الزكوات، ويقدمون الصدقات حتى لا يضيع عليهم شيء من الأجر إن ذهبت لغير مستحقيها.
فاصلة:
لو كل أصحاب الأموال أخرجوا زكواتهم بصورة صحيحة لما بقي فقير واحد في البلاد.