كتبت في مقال سابق مع بداية شهر رمضان بأن هذا الشهر الكريم لن يتكرر بهذا الحال وبهذه الجائحة إن شاء الله تعالى، وأنه سيكون فارقًا لدى كثير من الأُسر أو العوائل وسيبقى ذكرى خالدة في أذهان الجميع وحدثًا تاريخيًّا لن ينسى، وها نحن على مشارف رحيل وتوديع هذا الشهر الكريم، فكما استقبلناه، ونحن على غير العادة من إظهار معالم الفرح والسرور بتزيين الشوارع بالفوانيس الرمضانية وغيرها، ها نحن أيضًا نستقبل عيد الفطر المبارك، ونحن على غير العادة، فلن نخرج لصلاة العيد ولن يكون هناك استقبال للضيوف، ولن يكون هناك زيارات عائلية ولا استراحات ولكلٍ منطقة عادة في العيد ستختفي هذا العام.
وعلى أي حال؛ فإن العيد على اسمه يعود كل سنة بفرح مجدد ومختلف عمّا قبله، فبعد أيام يعود علينا ولن يتغير اسمه بجائحة كورونا، فالفرح بالعيد لا يتوقف على الخروج للصلاة ولقاء الأصدقاء والأقارب فقط.
فالعيد شعيرة من شعائر الدين الإسلامي يظهر فيه كل مسلم صائم قائم بأمر الله تعالى الفرح والابتهاج، فهو يوم أكل وشرب وسرور، ولن تمنعنا جائحة كورونا من اتباع هديه صلى الله عليه وسلم من إقامة صلاة العيد في بيوتنا، واغتسال وتكبيرٍ ولعب ولهو مباح. قال أنس رضي الله عنه: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما قال: “قد أبدلكم الله تعالى بهما خيرًا منهما يوم الفطر والأضحى”.
اجعلوا هذا العيد استثنائيًّا، استبدلوا اجتماع الحي أو القرية باجتماع الأسرة والأبناء، وزينوا بيوتكم، وفرحوا أبناءكم بتوزيعات العيد من مال وحلوى وهدايا. ابعثوا السعادة في نفوسكم ونفوسهم صغارًا كانوا أو كبارًا.
وكذلك لاتجعلوا حجر كورونا مانعًا من تبادل التهاني مع الأقارب والأصدقاء، وتصافح القلوب، وتطييب النفوس، وإن تباعدت الأجساد ولم تتصافح الأيادي، فكن أنت المبادر بالتهنئة والعفو والصفح والتسامح.
وتقبل الله منّا ومنكم صالح الأعمال.
همزة وصل
قال كعب بن زهير المزني:
أرعَى الأمَانَةَ لا أخونُ أمانتي
إنَّ الخؤونَ على الطريقِ الأنكبِ