أبو الطيب المتنبي يشتكي الغربة، والبعد عن الأحبة إلى العيد الذي حل به وهو بمصر بعيدًا عن الأهل والأقارب في بغداد التي تفصل بينهما بيداء قاحلة حيث قال:
أما الأحبة فالبيداء دونهم
فليت دونك بيدا دونها بيد
فتلاحم الأهل والأقارب في العيد عادة توارثتهاالمجتمات العربية والإسلامية،حيث يقيمون فيها الولائم ويزور بعضهم البعض، ويذكرني حال أبي الطيب المتنبي في الماضي بحال عيدنا اليوم؛ حيث إن جائحة كورنا حالت دون عاداتنا في الاجتماع مع الأهل والأقارب في العيد، وتفصلنا عنهم بيداء قاحلة كبيداء أبي الطيب، وهناك شعور بتصحر عاطفي ملتهب بحرارة الأشواق للأحبة في هذا العيد، ولكن الحظر فيه خير لنا؛ حيث إن سلامتنا من هذا الوباء أهم من عاداتنا المألوفة، والدولة وفقها الله أحسنت صنعًا حين قامت بالحظر لكي لا يتحول العيد الموسوم بالفرح إلى أحزان وكارثة على المجتمع بسبب الاجتماع والزيارت، بل إن عيدنا الحقيقي هو التلاحم والالتزام بتعليمات وتوجيهات الدولة في هذه المحنة، ونحن عازمون- بعون الله- على المواجهة على مستوى الفرد والجماعة يدًا بيد مع دولتنا لدحر هذا الوباء الخطير، فالعيد عيد السلامة لا عيد الندامة، ولعلي أعارض المتنبي في شكواه لعيده عن فراق الأحبة، رغم الفارق الكبير فى القامة بيني وبينه وأشكو حالنا لعيدنا ببيتين من الشعر:
عيد بأية حال عدت يا عيد
وحالنا اليوم أمراض وتهديد،
أما الأحبة فالتفريق بينهم
مع السلامة إحكام وتسديد
وكل عام وأنتم بخير.