يعد العيد يومًا يعم فيه الفرح والسرور على الصغار والكبار والرجال والنساء؛ فللعيد أهمية عظيمة فى حياة البشر، وله آثاره النفسية على الأفراد والمجتمعات؛ حيث يعتبر من مقومات السعادة المجتمعية فهو هدية وما أجملها من هدية ! هدية من الله -عز وجل- ومكافأة لعباده المؤمنين على طاعاتهم، فبعد الصوم والبذل والعطاء، وأعمال البر، والدعاء والقيام والصدقة والإقبال على تلاوة القرآن، وبعد ليالٍ ربانية ساحرة شحنت الأرواح إيمانًا تأتي المكافأة، الربانية فيكون عيد الفطر، فرحة للعباد على أدائهم الطاعات ورجاء لله -عز وجل- في تقبل الأعمال الصالحة منهم فالعيد فرحة تغمر قلب المؤمن، وشعور رائع ينعكس على حالته فالفرح بالطاعة هو الهدف الأسمى من العيد.
وللعيد خصائص ينفرد بها عن باقي أيام العام فهو يمسح الحزن عن القلوب وينشر البسمة على الوجوه، ويذكرنا بِصِلَة الأرحام وزيارة الأهل والجيران والخلان؛ فيزيد من تماسك المجتمع ويقوي بنيانه.
وكذلك يأتي العيد وتأتي معه نسمات الهبة والمنة من الله بعد تأدية العبادات فينشر الفرح والمودة والحب والتسامح بين الناس، ويروح عن النفس المجهدة من مكابدة هموم الحياة ومتاعبها.
وفي وقفة حول قدوم الأعياد، والتي تأتى بعد مواسم الطاعات؛ حيث تحمل فى طياتها المشقة وتتطلب من الإنسان الصبر ففى الصيام مشقة الامتناع عن الطعام والشراب وكبح النفس عن الشهوات، وفى الحج مشقة الجهد البدني خلال أداء المناسك لذلك؛ فإن الله شرع الأعياد للترويح عن النفس بعد هذه المشقة فى أداء العبادات، وتلك منحة ورحمة من الله سبحانه وتعالى.
وبما أن العيد حلّ علينا هذا العام فى ظل جائحة (كورونا) التى اجتاحت العالم أجمع فحبست الدول فى حدودها وحبست الأفراد فى بيوتها؛ فإن ذلك اختبار شديد لمدى صبرنا وقوة تحملنا، فكلنا نعلم أننا لن نستطيع ممارسة بعض مظاهر العيد التي كنا ننعم بها في كل عام، ولكن علينا أن نأخذ من هذا الشهر العظيم العبرة والعظة فى قوة الصبر. ففي مثل هذه الأزمات والمواقف تتضح جليًّا الدروس المستفادة من الصبر على الطاعات.
ومن هذا المبدأ يجب أن يمتد صبرنا وتحملنا حتى تزول هذه الجائحة فمهما كان القلب حزينًا إلّا أنه لا بدّ له وأن يشعر بعظمة قدوم العيد؛ خصوصًا أنّ الفرح في العيد سُنّة يجب عدم تضييعها مهما كانت الظروف حتى وإن لم يجلب الشخصُ ملابس الجديدة، وحتى إن كان بعيدًا عن أهله وذويه أو كانت فرحته ناقصة، فبإذن الله سوف تزول هذه الغمة، ويكشفها الله عن الأمة، فكم من أوبئة حلت ثم تولّت فلنصبر حتى يزول الوباء وسوف نحتفل ويكون ذلك الاحتفال فرحة كبرى لنا وللبشرية في كل أصقاع الأرض، وعليه يجب علينا أن نجعل من أيام العيد متعة ومشاعر أسرية سعيدة، ونملأ حياتنا بالحب والألفة والتألف الأسري.
ففى كل الأحوال يجب أن يكون للعيد قدسيته وبهجته؛ فهو مظهر من مظاهر العبادة وفيه تتجلى معانى الكرامة والرفعة الإنسانية.
فالعيد فرحة كبيرة، لكنها هذه المرة فرحة عن بُعد، دون تقارب أو تزاور أو تجمعات، وعلينا جميعًا ألا ننسى أو نتغافل عن تعليمات وقرارات حكومتنا الرشيدة المتعلقة بالإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها دائمًا، في كل لحظة وكل مكان، فهي بإذن الله مفتاح الأمان، وهي الضمان لعدم تفشي الفيروس وانتشاره!
وكل عام وأنتم بخير
0