الإدارة العامة هي الإدارة الحكومية، وكما عرفها (والدو) بأنها حلقة الوصل بين الدولة ومواطنيها، من خلال الخدمات العامة التي توفرها الدولة لمواطنيها، فهي المحرك الأساسي لكل من النظام الحكومي والنظام المجتمعي، حيث تعمل الإدارة العامة في تشكيل مفهوم المواطنين عن الحكومة، وإذا نظرنا نجد أننا نلجأ أحيانًا إلى تطبيق أساليب الإدارة العامة بصورة شبه يومية، لتحقيق القيم العامة بكفاءة وفاعلية وعدالة، لذلك يمكننا القول إن الإدارة العامة مرتبطة بشكل وثيق بما نعيشه، وتعتبر المسؤول الأول عن إيجاد الأنظمة التي تنهض بالمجتمعات، وتساعد في وضع الخطط لها للحفاظ على استمراريتها.
وفي ظل أزمة كورونا COVID-19) )، يعتبر نظام الإدارة العامة هو خط الدفاع الأول في التعامل مع الأزمات والكوارث، وقد شهدنا تأثر أنظمة الإدارة العامة لدى بعض الدول بشكل مباشر بالجائحات، وهذا التأثر قد يكون مرحلة إصلاح جديدة، بحيث تستحدث إجراءات وسياسات احترازية تساعدها في تخطي الأزمة؛ بل ويمكنها من وضع نظام خاص بها، يتم وضعه حسب احتياج كل دولة، إن المزيج المعقد من الحريات الشخصية والسلامة والصحة العامة مع ضرورة التوازن بين هذه المصالح في ظل الظروف الصعبة والبيئة المتغيرة، يثبت أهمية حقل الإدارة العامة ودور الحكومات في خلق قيم تساعد على تجاوز هذه الأزمة، فمثلاً لدينا هنا في المملكة العربية السعودية وتحت شعار (#كلنا_مسؤول)، تم العمل على تأكيد ضرورة التكافل الاجتماعي، وتفعيل دور المسؤولية المجتمعية ورفع الوعي بقيمة التطوع ووضع آليات مناسبة له، وعملت على إستراتيجيات تمكين المجتمع بالعمل في كثير من المحتويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والدينية والصحية،بجميع القطاعات والتي تم عملها من خلال إستراتيجياتالتواصل الفعالة والعلاقات العامة.
بالإضافة أنها وظفت الأدوات الكلاسيكية المركزية وجعلتها مصدرًا للقرارات والمعلومات؛ لتصبح وزارة الصحة هي المركز الأساسي لأي معلومة تخص فايروس (COVID-19)، لتقوم على أساسه المنظمات والهيئات والوزارات بالاستجابة إلى توجيهات وزارة الصحة، في صورة تجسد من خلاله مفهوم المشاركة وتوظيف أدوات المدرسة السلوكية، باتباعها لآلياته، كان من أهمها التدرج بالقرارات، لتصبح مثالًا رائعًا للإدارة العامة المسيطرة على الحدث، والمتفاعلة مع المجتمع ابتداءً من إيقاف الحضور للمدارس والجامعات، وتحويلها إلى الفصول الافتراضية، ليأتي بعدها المؤسسات، ومن ثم الحظر الجزئي والكلي إلى التدرج في قرارات العودة للحركة الاقتصادية الطبيعية، كما لا يمكننا أن نغفل المدخل المقارن، وأهميته في الاستفادة من تجارب الدول التي بدأت فيها الأزمة، والتي تعاملت معها المملكة بطريقة ذكية على إثرها اتخذت خطوات استباقية في الحد من انتشار الفايروس.
وإذا رجعنا إلى مدخل الإدارة العامة الجديدة، نجد مفهوم القيم الإنسانية، المتمثلة بالتطوع، والتكافل والتركيز على المشكلة وتشارك المسؤولية من الجميع، فإن الإدارة الحكومية لدينا قد عملت بها، وأكدت عليها؛ حيث كان آخرها توقيع اتفاقية بقيمة 995 مليون ريال لمحاربة فايروس كورونا،والتي تنص على ضمان حصول كل من المواطن والمقيم على الفحص والرعاية الكاملة في حال الإصابة، وبهذه الاتفاقية قدمت المملكة العربية السعودية القيمة العامة من العدالة والمساواة وحق الإنسان على أي شيء.
وهذا كله يثبت أن كل دولة متفردة بنظامها العام، ولا يوجد نموذج متفق عليه، لذلك يجدر بكل دولة أن تعيد اختراع نظام الإدارة العامة لديها، بما يتناسب مع الظروف البيئية المحيطة والخاصة لكل دولة، ومناقشة أهم القضايا المتعلقة بها، مثلالأمل بإصلاح النظام الحالي وابتكار نظام مناسب للتغيرات الدولية الحالية، وأن يكون قادرًا على النهوض بالحكومة، مع ضرورة التأكيد على أهمية التوازن بين المركزية واللا مركزية، وخلق استراتيجية تضمن إعادة دمج البيروقراطية مع الحكومة بما يستجيب مع البيئة الخارجية.
——————
باحثة دكتوراة جامعة الملك سعود
جميل ما طرحتيه أ. ندى عن مسؤولية الجميع في الإدارة العامة فالجميع يعتبرون شركاء الحكومة والموظفين ففي (إدارة التغيير) في علم الإدارة ربما هي خير مثال على ذلك ، في أخر جزئية من المقال ذكرني التغيير ، وهي ثقافة قاصرة لدى فئة كبيرة من المجتمع وتحتاج إلى وقت لتغيير تلك الفرضيات العالقة بأذهان الموظفين والمستفيدين في المجتمع وهم المواطنين ،فقالب الجليد يحتاج إلى عمل لأذابته ليتم تحويله إلى نمط أخر من أنماط شكل ذلك القالب ، ولا تنتهي المعاناة عند هذه المرحلة بل أن هناك مرحلة أصعب من ذلك لتحقيق النتائج المرجوة وهو كيف نحافظ على النمط الجديد حتى يدوم حسبما شكلناه نحن ليتوافق مع التغيرات الطارئة كما هي جائحة كورونا
جمعان البشيري
تقبلي مروري ودمتي بود