عبدالرحمن الأحمدي

المتسلق

حين تتلمس الوجوه الاجتماعية العديدة لبني البشر، وفي مختلف الأماكن. بلاشك ستتوقف عند بعضها سواء كانت هذه الوجوه مثار انتباهك الشخصي إيجابا، أوسلبا. وبفضل الله علينا كمجتمع أننا نجد الكثير من الوجوه الخيرة والنيَّرة والتي تتسم بحب الخير للآخرين، والصدق، والأمانة، والعمل بإخلاص، وفي المجمل تعمل لوجه الله تعالى. فتجدها مثلا تقف مع المراجعين أثناء أداء واجبهم الوظيفي في المقرات الرسمية لهم ووفقا لما يسمح به النظام، أو في تقديم مساعدات خيرية وكما هو مشاهد في أزمة كورونا الاستثنائية الحالية، وغيرها من المشاهد التي تثلج الصدر. وفي نفس الوقت لا تخلو المسألة تماما في الجانب الآخر ومن تلك الوجوه وهي ولله الحمد محدودة في أعدادها، معروفة في مقاصدها، مكشوفة مآربها وأخص هنا شخصية انتهازية هي شخصية” المتسلق” الاجتماعي.

هذا المتسلق الاجتماعي ياسادة لو استعرضتموه في خيالكم أولا فبلا شك سيُلبس أسوأ الأوصاف من الخبث، والتلون، والتطفل، والخديعة وغيرها من الأوصاف اللائقة بشخصيته المتسلقة. وهو بالفعل لايختلف في الواقع المشاهد عن الخيال. فتجده ينطبق عليه حرفياً المثل الشعبي “اتمسكن حتى تتمكن” بمعنى إذا كان في بداية استلام مهامهه الوظيفية تراه يبحث عن الرأس وهو بطبيعة الحال المدير العام في دائرته. ويصل في أقصى حظه إذا كان مديره يحب هذه النوعية من الموظفين فهي تُذكِره بأيام شبابه..! فتجده وفي أول لقاء بينهما لابد أن يكيل الكثير من المدح، والثناء، والتبجيل؛ حتى تصل الرسالة، وإن لم تصل الرسالة فيُعِد المحاولة مرة أخرى، ويكون سعيدا حينها بإعجاب مديره بفكره، وبأسلوبه، والذي هو في الحقيقة لا يملك أي كفاءة سوى كفاءة التطبيل المتميزة.

وهذا المتسلق في حال تسلمه لمنصب قيادي في إدارته الرسمية ستكشفه بالتأكيد الأيام القادمة عاجلا أم آجلا عبر المؤشرات الإلكترونية المعتمدة، وخاصة في هذا الوقت والذي لايعترف إلا بالانتاجية والتطوير. وهذا يعني أن أي متسلق سيُفضح في نهاية المطاف. ولكن المشكلة كل المشكلة لو كان هذا المتسلق استولى على منصب في أعمال اجتماعية تطوعية مثلا.. كيف ستكون جودة المخارج لأي مؤسسة يكون هو على رأس الهرم فيها؟ وحتى في حال افتراض وجود نتائج إيجابية حازت عليها المؤسسة خلال فترة إدارته وهذا طبعاً سيكون بفضل جهود العاملين معه، والذين يعملون بقصد الأجر والمثوبة. أليس من الظلم أن يستحوذ باسمه على كل مجهوداتهم المباركة؟ وأيضا أليس من الظلم وجوده في أعلى الهرم من الأساس؟ إن كثير من المجاملات الاجتماعية للأسف تقع عندما نكون جزء من هذه المشكلة فلا نستطيع مواجهة الحقائق، ولا نستطيع أيضا إعطاء كل ذي حق حقه. فتكون فرصة سانحة لكل متسلق؛ للصعود على أكتاف المحترمين. وما على الآخرين سوى الصمت بألم. ولا عزاء للغافلين.

Related Articles

3 Comments

  1. لم نكن نراهم إلا نادرا ، وهم كالذباب حاليا تجدهم في كل حدب وصوب لايملون .. نسأل الله اللطف ،،

  2. اصبت كبد الواقع فما اكثر المتسلقين والمطبلين في هذا الوقت الذي تمر به الامه ، ونا يحزن القلب ان هذه النوعية من البشريه تجد طريقها بين المجتمعات وله ظهور في المناسبات. لكن يبقى المثل القائل ( لايصح الا الصحيح ) هو القاعدة الاساسية التي تظهره على حقيقته
    احسنت استاذنا عبد الرحمن

  3. كلام جميل ورائع
    جدا لكن كنت اتمنى من الكاتب ان يسمي الاشياء بأسمائها الحقيقية …لكي يعرف الشخص نفسه عندما يقرأالمقال أن هذه صفانه …
    كل ماذكر في المقال السابق هو نوع من انواع النفاق الاجتماعي ومع شديد الاسف انه منتشر …
    ونسأل الله السلامة والصلاح في جميع احوالنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button