روي أن لصًا تهجّم على أحد الحقول الزراعية بمركز وادي قديد الواقع على طريق الهجرة 150كلم شمال مكة المكرمة، فسرق هذا اللص بعضًا من منتجات الحقل، فأمسك به أهالي وادي قديد، وأوسعوه ضربًا على فعلته الشنيعة، فهرب هذا اللص وتوجه لمركز عسفان، والذي يبعد قرابة 50كم عن وادي قديد باتجاه مكة المكرمة، وهناك كرر فعلته بسرقته لإحدى الحقول الزراعية في عسفان، فأمسك به أهالي عسفان، وقاموا بضربه وتأديبه لسطوته على هذا الحقل، فخرج ذاك اللص هاربًا وهو يردد “ما أخس من قديد إلا عسفان”.
فأصبح هذا المثل منتشرًا بين الناس، ليس على مستوى المملكة فحسب، بل أصبح مثلًا دارجًا يتناقله العرب للمقارنة بين شيئين سيئين.
وقد ذكرت بعض الروايات أسبابًا وقصصًا أخرى لهذا المثل إلا أن مايهمنا هو أن تناقل هذا المثل أصبح يسيء لهذه المناطق ولأهاليها، ويشوه تاريخها الحضاري الذي تمتلكه.
فمركز وادي قديد الذي يقع على طريق الهجرة 150 كم شمال مكة المكرمة يضم إرثًا تاريخيًّا عظيمًا ففيه مكان خيمة أم معبد المضيافة، والتي مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم وشرب من لبن اغنامها هو وأصحابه؛ إضافة إلى أن وادي قديد يعتبر محطة لقواقل الحجاج المتجهين إلى المدينة المنورة.
كما أنه في قديد غاصت أقدام فرس سراقة بن مالك عندما كان يبحث عن الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليظفر بالغنيمة التي أعلنت عنها قريش في القصة المشهورة أثناء هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة.
وفي قديد التقى الرسول صلى الله عليه وسلم بوفدٍ من قبيلة بني سليم حيث دخلوا في الإسلام وشارك منهم قرابة الف فارس في فتح مكة والطائف وحنين.
أما مركز عسفان، والذي يبعد قرابة 80كم شمال مكه المكرمة، ويقع على طريق الهجرة فيعتبر من المراكز التاريخية؛ فقد مر به عدد من الأنبياء والصالحين منهم سيدنا صالح وهود وإبراهيم وآخرهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي عسفان شرعت صلاة الخوف التي تؤدى في المعركة.
فقد كان عسفان سوقًا للبادية يتبضعون منه منذ القدم، وهو منطقة خصبة تصب فيه عدد من الأودية، وفيه سهل الشامية، والمقيطع التي تشتهر بالزراعة المطرية والمروية.
فأهل هذه المراكز وسكانها من خيرة أبناء المجتمع فمنهم نرى الأطباء والمهندسين والأكاديميين والقضاة، ويتميزون بالأخلاق العربية الأصيلة من الكرم والجود والنخوة والشجاعة، وإغاثة المحتاج، وإكرام الضيف، وحفظ حقوق الجار فهذه الصفات توارثها الأبناء من الآباء والأجداد.
ومن الظلم أن يبقى هذا المثل ملتصقًا بهذه المراكز وسكانها، وأتمنى أن تكون هناك حملة لتصحيح هذا المثل ليكون …
“ما أحسن من قديد إلا عسفان”
وسلامتكم…
محرر صحفي بصحيفة عكاظ
سرد تاريخي جميل أوضحت قصه ومثل ومنطقة واهالي
فائده جميله ومعلومه استفاد منها الجميع
لكن المثل دائما مثل الأخطاء الشائعة يمشي كما يصفه الناس وينتشر حتى لو لم يرد به قصد الاساءه
أشاركك الرغبة في صناعة مثلٍ جميل يليق بعسفان ، فعسفان هذا الزمان لا أحسن منه في المكان .
لكن المثل قد كان وجرى وهو مرتبط بقصته كسائر الأمثال.
وقولك فيما تقترحه من تصحيح أو تعديل ( ما أحسن من قديد إلا عسفان ) يحتاج لنظر فقد تضمن تفضيل عسفان على قديد وهويحتاج لقصة كذلك ليكون مثلا !
ويبقى في المعنى تقليل قديد ، حيث جعلت عسفان فاضلا وقديد مفضولا. تحياتي . وكل عام وأنتم بخير
الاخ سلمان شكراً لسردك بعض المعالم التاريخية عن قديد وعسفان ولكن بحكم الحوار ومايتناقله الناس عن الواقعة غير ماذكرت كما هي كما سمعنا لقد كان للجوع والفقر الذي اصاب الناس دور كبير في هذه القصة وهو كما يروونها الناس بان رجلاً فقيراً ذاهب الى مكة مر بوادي قديد ولم يضيفه اويطعمه احد ثم واصل مشوارة الى عسفان وكذالك لم يضيفه احد وقال المثل المشهور
سلمت يا سلمان
مثل شائع
وقلمك عليه رائع
ولك من اهل قديد تحية و بدائع
شكراً استاذ سلمان على التوضيح الجميل لهذا المثل
ففي نظر اللص الذي يسرق يرى الشجاعة التي جعلته يهرب و ينفذ بجلده من قديد إلى عسفان يراها خساسة لإنها لا توافق هواه و مراده
بوركت وبورك قلمك ودام مداده