المقالات

شدوا الأحزمة

عنوان مقالي هذا جملة بكلمتين فقط، لكنها قوية المعنى والدلالة، فقد لفت نظري حينما طرأت بنداء للعموم بمجتمعنا السعودي
(شدوا الأحزمة)؛ نتيجة لما نعيشه من مواجهة قصوى وبإمكانيات باهظة التكاليف، اقتربت من الخط الأحمر المنذر بالخطر، وأثق أن هذه الجملة يحتاجها بنفس التوقيت العالم أجمع..!!!

كما تعلمون معشر المثقفين والقراء بموطني أن هذه الجملة المفيدة (شدوا الأحزمة)،
بدأت قولًا وعملًا من رأس الهرم بقيادتنا الرشيدة، ثم طوعت تمريرًا من الوزراء؛ لتأكيد الوعي بكل ما تعنيه وتمليه جملة وتفصيلًا بأخذ الحيطة والحذر بالحالات القصوى مرورًا بقاعدة الهرم كامل المجتمع.

ربط الحزام اعتدنا أن يكون مضادًا، وداعمًا أمنيًّا لما قد ينجم من أضرار بمسيرة أي حراك يسلكه القاصد سواءً كان برًّا أم جوًا أو بحرًا، وحتى في حالة الثبات غير الآمن.
من منطلق الحديث النبوي الشريف:
(اعقلها وتوكل).

شخصيًّا كانت بداياتي قروية، عشنا فيها ثقافة تراثية مجتمعية جميلة، تنصح بعدم (الستولة) إطلاقًا لأي شخص في مجتمعنا سواءً كان كبيرًا أم صغيرًا، ذكرًا أم أنثى..!!

المستول بتسكين التاء وكسر الواو تعني من لا يستخدم الحزام حول الخصر،
ليس حزامًا ناسفًا، ولكن حزامًا ضامنًا لربط الخصر ليبقى ذو جسم أنيق ويكون مواجهًا لمصاعب العمل في شؤون الحياة الشاقه بكل اقتدار..!!
فمن يتسم ببروز البطن وبلا حزام خصر فإن ذلك بلاشك يعد معيبًا لكلا الجنسين..!!

اعتدنا أن يكون ربط الحزام حول الخصر طبيعيًّا، ولكنه يحتاج للشد بدرجة أعلى عند مواجهة العمل الشاق كلما دعت الحاجة في الأعمال المختلفة..!!

عندما يطلب أحد مجتمعنا القروي المساعدة من الطرف الآخر؛ فإنه يجاب بقول أبشر سأشد حزامي، وسأدعم بما أوتيت من إمكانيات.

إذًا ثقافة ربط الحزام، ربما كانت إسلامية وعربية قبل الغرب فيما قرأنا وسمعنا.

امتدادًا؛ لذلك تعودنا أهمية ربط الأحزمة في وسائل النقل البري والجوي، وربما البحري لمواجهة الصعوبات فقد سمي بحزام الأمان ليدعم في تفادي وتقليص مواجهة الضرر ما أمكن.

نحن نعيش اليوم معاناة يعاني منها العالم أجمع في مواجهة فايروس كورونا الخفي، وكثيرًا ما ينبه عالمنا بأهمية ربط أحزمة الأمان في المواجهة لهذا العدو اللدود، وعمل كل الاحتياطات اللازمة للاحتراز بالقدر الكافي لتلافي نقل العدوى..!!!

للأسف رغم كثرة التنبيهات بالتوخي وتوصيات الدولة بشد الأحزمة إلا أن هناك من لا يكترث بتبعيات التقصير في أن يجعل للسلامة سببًا.
فليس هناك ما يدعو للاختلاط بما يوازي تعرض الأنفس للخطر أو ربما للوفاة ..!!

مجتمعنا في الغالب واعٍ ومدرك للمخاطر، ولكنه لا يخلو من فئات قليلهة، ربما تكون من بعض العمالات الوافدة أو ممن يحملون قدرًا لا يستهان به من الجهل فلا يدرك المخاطر التي يعيشها العالم بأكمله، كما لوحظ في فترات تقليص الحظر الأول، حينما لوحظ لانفلات غير منطقي مشابه لانفلات الإبل في ظل بقاء تواجد الفايروس الذي لا يزال متغلغل عالميًّا..!!!

مسؤولية المواطن الغيور، وهو رجل الأمن الأول، وكذا المقيم الوفي الإبلاغ عمن يراه مهملًا في توخي الاحتياطات الاحترازية أو ما يساعد على نشر الوباء..!!

مجتمعنا الإسلامي الراقي الواعي يدرك معنى الحديث الذي روي عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي ﷺ قال:
مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ مَن فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا.

فلنكن واعين، ومن الناجين بإذن الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى