أحمد حلبي

مدارس الفلاح و”حقيبـة بلا عناء”

عرفت مدارس الفلاح التي أسسها الشيخ محمد علي زينل ـ يرحمه الله ـ بمكة المكرمة عام ١٣٣٠هــ، كواحدة من أبرز المدارس التي ساهمت بشكل بارز في النهضة التعليمية بالمملكة العربية السعودية، وتخرج منها الكثير من الطلاب الذين تولوا مناصب قيادية بالدولة، فمنهم السفراء والوزراء وأساتذة الجامعات والمسؤولين القياديين ورجال الأعمال.

وعبر برنامجها الصباحي “صباح السعودية” تناولت القناة السعودية الأولى قبل فترة مضت تقريرًا قدمه الزميل تركي الأحمري عن مبادرة “حقيبـة بلا عناء” التي أطلق فكرتها قائد المدرسة الأستاذ/ نزيه سعيد باعيسى خلال العام الدراسي الحالي 1440-1441هـ، بعد أن سجل ملاحظته في “مشكلة وزن الحقيبة الثقيل على طالب المدرسة ومدى شعور الطالب بالعناء أثناء حمل الحقيبة في الصباح”، فكانت خطوته العمل على تشكيل لجنة مكونة من إدارة المدرسة والإرشاد والتوجيه وبعض معلمي وأولياء الأمور المتميزين لدراسة المبادرة المقترحة لحل مشكلة الحقيبة المدرسية، ومن خلال المشاركة والرأي والرأي الآخر تم التوصل إلى حل لمشكلة وزن الحقيبة.

وجاءت المبادرة استكمالًا للدور التربوي والتعليمي الذي تقدمه مدرسة الفلاح الابتدائية؛ حيث تم عمل برنامج مكثف يقاس فيه وزن طلاب المدرسة ووزن الحقيبة ووزن الكتب التي بداخلها، ثم وزن الطالب بلا حقيبة فلوحظ الفرق الكبير في وزن الطالب بالحقيبة المدرسية، ووزنه بدون الحقيبة وتم اكتشاف المشكلة المتمثلة في (وزن الحقيبة الثقيل على طالب المدرسة، ومدى شعور الطالب بالعناء أثناء حمل الحقيبة في الصباح).

وكان الحل متمثلًا في تقسيم الكتب الدراسية على الشهور الدراسية حسب المنهج الدراسي، حيث يقسم الكتاب إلى أربعة أجزاء حسب منهج المعلم، فيحمل الطالب الجزء الأول معه خلال الشهر الأول من العام الدراسي ويحتفظ بالأجزاء الثالثة الباقية بالمنزل، وعند الانتهاء من منهج الشهر الأول يقوم المعلم بتصحيح هذا الجزء للطالب، ثم يطلب المعلم من الطالب أن يحتفظ بهذا الجزء بالمنزل، ويحضر معه الجزء الثاني في اليوم التالي، وهكذا في جميع المواد التي تحتوي على عدد صفحات تتجاوز 200 صفحة، وهذا يعني أن المبادرة جعلت الطالب يحمل 200 صفحة يوميًّا فقط، فكل جزء من هذه الأجزاء لا يتعدى 30 صفحة، بل يقل فأصبحت الحقيبة خفيفة جدًّا على الطالب، وصارت الأجزاء سهلة الحمل والترتيب داخل الحقيبة المدرسية؛ إضافة إلى حالة الطالب وشعوره بالارتياح الجسدي والمعنوي من خلال حقيبة بلا عناء.

كما استفاد من المبادرة المعلمون؛ إذ وجد المعلم نفسه أمام مبادرة تسهل عملية التصحيح عنده؛ بحيث يقوم بالتعامل مع ربع الوزن السابق للكتب مع التركيز على المهارات الموجودة بمحتوى هذا الجزء فقط حتى يتأكد من إتقان الطالب لهذه المهارات.
ومبادرة كهذه تضعنا أمام إبداعات عملية لمعلمين وجدوا الفرصة متاحة أمامهم لطرح الأفكار ومناقشتها برؤية علمية والعمل على تنفيذها، فعملوا على ترجمتها بعمل يخدم الطالب وأسرته، وهو ما يعني أن المعلم صاحب فكر وليس تبعًا لأدائه لحشو المعلومات، فبإمكانه أن يقرن إبداعه بالعمل الجيد، وفكرة كهذه نأمل ان نرى تطبيقها بجميع مناطق ومحافظات المملكة؛ خاصة وأنها تحمل العديد من الأهداف لعل أبرزها الحفاظ على صحة الطالب، وإتاحة الفرصة أمامه للتنقل بهدوء دون عناء، ومنح المعلم فرصة التركيز أكثر أثناء عملية التصحيح.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button