قال لي صاحبي: ما الذي حدث بين ترامب وتويتر؟! فأجبته؛ بتكملة النصف الثاني من عنوان هذا المقال تتضح الصورة، ويعرف السبب الذي دفع بالرئيس البرتقاليكما ينعته خصومه لاعتماد منصة تويتر كوسيلة رسمية لمخاطبة العالم، وإصدار تعليماته وتوجيهاته ووعده ووعيده، ولكن بطريقة واضحة وصريحة لا تحتمل التأويل غالبًا، كما يفعل السياسيون، وهذا ما جعل تغريداته ينطبق عليها قول المتنبي:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراها ويختصم
وهذا ما أكده تحليل قام به باحثان، درسا تغريدات الرئيس الأمريكي، وتبين لهما إدراك ترامب لأهمية وتأثير التغريد الإلكتروني كأداة للتواصل المباشر مع الرأي العام، وأنه ينافس في قوته وسائل الإعلام التقليدية، فمن خلال هذه التغريدات، استطاع ترامب تحديد ووضع أجندة النقاش، وفرضها على وسائل الإعلام، كما واصل التأكيد على آرائه ومواقفه تجاه خصومه السياسيين، وقضايا السياسة الداخلية والخارجية الأمريكية، بنفس الرسائل التي كان يستخدمها قبل توليه المنصب رسميًّا، وهذا ما يفسر احتفاظه بحسابه الشخصي قبل وصوله للبيت الأبيض، وعدم التغريد من الحساب الرسمي المخصص للرئيس الأمريكي.
ولعل العلاقة المتأزمة -حتى قبل انتخابه- مع وسائل الإعلام دفعت بالرئيس القادم من بوابة المال والأعمال، وليس من دهاليز السياسة، الإفصاح عن رأيه دون مواربة من خلال رده على أسئلة أحد الصحفيين، بأنه متمسك بحسابه الشخصي في تويتر، لعدم نزاهة وسائل الإعلام وحياديتها، حيث مكنه موقع التدوين المصغر من التعامل مع هذه الوسائل وفق ثلاثة مسارات؛ أحدها انتقادها والعاملين فيها، وتسميتها صراحة كما فعل مع شبكة C.N.N وغيرها، وأما المسار الثاني، فكان قيامه بتصحيح ما تقوم به هذه الوسائل من تقارير وأخبار مغلوطة عن سياسته، وبرامجه في الداخل والخارج، وأخيرًا وظف الرئيس هذه المنصة لتوجيه رسائل تضمنت انتقادات لأجهزة الاستخبارات؛خصوصًا وخصومه السياسيين بشكل عام.
ولكن يبدو أن الأمر أكبر من عملية حجب تغريدة، أو وضع تنبيه على أخرى، فالداخل الأمريكي يعيش صراعات مؤجلة، بدأت تظهر على السطح مع اقتراب مرحلة السباق إلى البيت الأبيض، وهذا يتضح من خلال الضخ الإعلامي الموجه ضد الرئيس ترامب، إذ لم يسبق أن واجه رئيس سابق للولايات المتحدة مثل هذا الهجوم العنيف، فالرئيس الخامس والأربعون لم يقم بشن أي حرب في الشرق الأوسط، ولم يدعم جماعات التطرف بمختلف مسمياتها، بل على العكس أنعش الاقتصاد الأمريكي – تداعيات جائحة كورونا الاقتصادية عالمية ولم يسلم منها أحد- وانخفضت نسب البطالة إلى أرقام قياسية دون أن يتحرك جندي أمريكي أو تطلق رصاصة واحدة !!، بالرغم من وجود بعض الانتقادات الواقعية لبعض تصرفاته وتصريحاته.
إذن لماذا هذه المعركة بين ترامب من جهة وتويتر؟ ومن يقف خلفه من جهة أخرى؟، ولماذا تتخلى هذه المنصة الاتصالية الأممية عن القيم الأمريكية، والمكاسب المادية؟، وتنحازلأيديولوجيا سياسية؟ هل هي شخصية بين الطرفين، أو موجهة؟ لماذا الاعتراض على تغريدات ترامب دون سواه، كالنظام الإيراني مثلًا، أو تلك التي تفوح منها رائحة العنصرية؟، أو الحسابات الوهمية التي تقف خلفها دول ومخابرات للإضرار بدولة أخرى!!
قلت لصاحبي:
الأيام القادمة تحمل الإجابة، وربما نرى روح طارق البوعزيزي التونسي، وقد حلت في جورج فلويد الأمريكي من أصول أفريقية!!
شكراً على هذا الطرح الرائع
لكن هل تتوقع سعادتك فعلا ان الأيام القادمة تحمل الإجابةكما قلت لصاحبك
بان نرى روح طارق البوعزيزي التونسي
تتمثل في روح جورج فلويد الأمريكي من أصول أفريقية!!
لتأجيج الشارع الأمريكي ليحدث ارهصات سياسية و