يحلم كل مواطن يسكن في أي قرية من قرى مملكتنا الحبيبة بأن تتمتع قريته بالخدمات والمرافق الأساسية التى يحتاجها سكانها؛ لذلك فالنقص الكبير في تلك الخدمات أوجد معاناة مستمرة يعيشها أهالى تلك القرى منذ سنوات طويلة؛ مما أثر على استمرارية العيش فيها.
إن قلة الخدمات وتواضعها علاوة على تأخر وصولها إلى القرى دفعت سكانها إلى الهجرة نحو المدينة فهناك قرى لم يبق من إرثها سوى أطلال منازل قديمة، يخيم عليها السكون، بعد أن هجرها معظم سكانها، مدفوعين بقسوة ومرارة الحياة فيها، بحثًا عن مكان آخر يجدون فيه خدمات حيوية ليعيشوا حياة كريمة في ظل التطور المذهل الذي تشهده بلادنا فأصبحت تلك القرى خاوية إلا من بعض من ظل فيها ممن ارتبطوا بالمكان والزمان.
ومن القرى التي تنعم في خيرات هذا البلد المعطاء قرى منطقة الباحة، والتي تمثل النسبة العظمى من التركيبة الاجتماعية والسكانية؛ حيث شهدت تطورًا ملحوظًا خلال العشر سنوات الأخيرة في مختلف المجالات إلا أنها ما زالت تنتظر الشيء الكثير تزامنًا مع رؤية المملكة 2030 التي تحتم على كافة المسؤولين بذل الجهود العظيمة: لكي تلحق هذه القرى بمصاف مدن مملكتنا من حيث التطور الخدمي والعمراني.
ومن أهم الخدمات التي أصبحت تقلق من يسكن في هذه
القرى هي توفير مياه الشرب؛ حيث تعاني تلك القرى من انقطاع مشروع الماء وقلة ما يحصل عليه المواطنون من كميات لا تفي باحتياجات الأسر اليومية وخاصة في فصل الصيف من كل عام، والذي ارتبط بعدم توفر الماء نظرًا لتوافد أبناء تلك القرى إليها بحثًا عن الأجواء المعتدلة والطبيعة الساحرة التي تتميز بها المنطقة.
فأصبح هم من يسكن في هذه القرى وشغله الشاغل هو في كيفية الحصول على صهريج ماء مهما بلغ ثمنه؛، ليعوض به النقص في إمداد شبكات مياه الشرب التي تنقطع عن المنازل لأسابيع خاصة في مثل هذه الأيام.
وفي عالم عصري سريع الحركة حيث تحتل التكنولوجيا مكانًا بارزًا، لا يستطيع المرء أن يتخيل أن يعيش بلا وسائل الاتصال الحديثة أو الإنترنت فإنه لا زالت معظم القرى تعاني من مشكلة عدم توفر خدمات الاتصالات أو عدم جودتها حتى وإن كانت متوفرة فطبيعة المنطقة الجبلية تحتم على الشركات المسؤولة عن تقديم خدمة الاتصالات والإنترنت، العمل على زيادة عدد الأبراج لتقدم خدمة جيدة لسكان تلك القرى لا سيما وأن الإتصالات، أضحت أمرًا مهمًا في حياة الناس، وقد رأينا أهميتها خلال ما نمر به الآن من جائحة كورونا، والتي كان للاتصالات فيها قصب السبق في تقديم الخدمات أثناء منع التجول والحضر الذي فرضته الاحترازات التي طبقت ضمانًا لعدم تفشي هذه الجائحة.
ومن هنا فإن الرسالة التي يجب أن توصل إلى من يهمه أمر هذه القرى هي النظر بعين الاعتبار إلى الخدمات التي يتمناها كل مواطن، ومنها الكهرباء والخدمات الصحية والمدنية ومشاريع المياه؛ لأنه في حالة اكتمالها سيكون لها دور فاعل في إعادة توزيع السكان في المملكة وتخفيف الضغط على الخدمات في المدن الكبيرة، نظرًا لما سوف توفره من فرص وظيفية عديدة لأهالي تلك القرى، وبالتالي الإسهام في الحد من الهجرة بسبب البحث عن فرص عمل في المدن الكبرى.